Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Géneros
وأجيب: بأنه لا يخلو الخصم من أن يريد بقوله هذا أحد ثلاثة أمور؛ لأنه إما أن يريد التسبيح والتحميد من حيث إن هذه الأحوال دالة على ذلك، وهذا الوجه مسلم صحيح؛ لأن جميع الكائنات دالة على وجود الله تعالى وتنزيهه، وهو المراد من ظاهر الآيات، ويدل عليه قوله تعالى: {ولكن لا تفقهون تسبيحهم}، وإما أن يريد بذلك تسبيحا وتحميدا غير معقول وهذا باطل؛ لأن إثبات شيء غير معقول فاسد، ولأن الرب تعالى خاطب الناس بما يعقلون، وإما أن يريدوا بذلك التسبيح والتحميد بالنطق كتسبيح الإنسان العاقل، وهذا باطل من وجوه:
أحدها: أنه لو كان للجماد نطق لم يكن بين الجماد والحيوان فرق، وإنما فرقنا بينهما بأفعال الحيوان ونطقها؛ وبذلك يعرف الفرق بين الحي والميت.
وثانيهما: أن الكلام المسموع إنما يقع من المحدث بآلة /65/ مخصوصة مع سلامة الآلة، فإن فقد الآلة أو اعترتها آفة يستحيل منه الكلام، فلو كان الكلام يصح منه عندما يذهب حسه وتعراه آفة لما منعه ذلك من الكلام، وفي علمنا ببطلان كلامه عند اعتراض الآفة ما دل على أنه مع فقد اللسان لا يصح الكلام.
Página 123