Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Géneros
وثانيها: قوله تعالى حكاية عن سليمان - عليه السلام - : {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين * لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} قالوا: أوعد بتعذيبه أو ذبحه إن لم يأته بحجة بينة، ويدل ذلك على كونه مكلفا؛ لأن هذا الوعيد إنما يستحقه المكلفون، فيلزم من ذلك جواز تكليف الطيور، أو يوجب حسن تعذيب من لا يستحقه؛ فيجوز مثل ذلك في تعذيب أطفال المشركين، أو يكون ذلك ظلما من سليمان فهو يوجب تفسيقه وإجازة تعاطي الكبائر عليه، وسواء عذبه من غير استحقاق، أو واعده بذلك فإن كل واحدة منهما كبيرة. قالوا: فأي الثلاث اخترتم كان مبطلا لمذهبكم.
وأجيب: بأنا إنما نمنع من تكليف الحيوانات الغير العقلاء مع /64/ إزالة العقل عنهم، وإعدام الفهم منهم؛ لأن تكليف غير العاقل الفاهم للمطلوب منه محال، وهدهد سليمان - عليه السلام - قيل: إنه كان عاقلا مكلفا من بين سائر الحيوانات، وأن ذلك كان معجزة لسليمان - عليه السلام - ، ولذلك قال: {ما لي لا أرى الهدهد} فعرفه بالألف واللام، ولم يقل: "ما لي لا أرى هدهدا"، ولم يذهب إلى الجنس عامة، وسبيله سبيل غراب نوح، وحمار عزير، وذئب أهبان بن أوس، كان لله فيه تدبير ليجعل هذا أجمع آية لأنبيائه، وهو نحو تكلم عيسى في المهد، ونطق يحيى صبيا بالحكم.
Página 121