فإذا قال: نعم. قيل له: فمحمد إذن هو المفترض للفرائض على الأمة دون الله؛ إذ كان فعل محمد خلاف فعل الله، ومحمد إذا لو كان ذلك كذلك كان المعبود بأداء فرائضه دون الله؛ إذ الفرض من محمد لا من الله. فلا يجد بدا إن كان بالله عارفا، وله موحدا؛ من أن يرد جميع ما تعبد به الأمة إلى الله عز وجل، ويزعم ويقول ويعتقد أنه من الله، حتى يصح له القول بأن المسلمين عبدوا الله لاغيره، ويثبت الفعل في فرض المفروضات لله لا لغير الله؛ لأن العبادة من العابدين لم تصح إلا بأداء الفرائض لمن افترضها، فمن ثبتت له الشرائع والتفريع والتبيين؛ ثبتت له الفرائض، ومن ثبت له الافتراض للمفروضات؛ ثبتت له العبادة في كل الحالات من العابدين، وهم المؤدون للفرائض المحكمة، والشرائع المثبتة، التي لا تصح لهم عبادة إلا بأدائها، ولا ديانة إلا بإقامتها.
فهذه حجة على من عرف الله بالغة كاملة، بينة نيرة، تبين لمن أفكر فيها، وتصح لمن تدبر معانيها. والحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين.
ومن الحجة على من قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يقول المبطلون؛ أنه لو فرع الفروع من نفسه، وأوجبها على الأمة دون ربه، لكان المتعبد لنفسه بالفرض(1) الذي أوجبه عليها وفرعه لها؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أول العابدين، وأخلص المخلصين، وأقوم القائمين بهذه الفروض المفروضات، والفروع المفرعات، فهو قائم بها، عابد لمن فرضها بإقامته لحدودها. فالفارض(2) لها هو المعبود دون غيره، فتبارك الله رب العالمين، الذي فرض فرائضه على جميع المربوبين، الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين، وجميع الثقلين.
Página 663