ترونهم يغرقون ويجوز أن يكون: (وأنتم تنظرون) أي وأنتم مشاهدون
تَعلمون ذلك، وإن شغلهم عن أن يروه في ذلك الوقت شاغل يقال مِنْ
ذلك: دُور آل فلان تنظر إلى دور بني فلان، أي هي بإزائها والدُّور يعلم أنها لا تبصر شيئًا.
* * *
وقوله ﷿: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١)
ويقرأ: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى) وكلاهما جائز (حسن) واختار جماعة من
أهل اللغة، وإذ وعدنا بغير ألف:
وقالوا: إنما اخترنا هذا لأن المواعدة إنما تكون لغير الآدميين، فاختاروا
(وعدنا) وقالوا دليلنا قوله ﷿ (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) وما أشبه
هذا وهذا الذي ذكروه ليس مثل هذا وواعدنا هنا جيد بالغ، لأن الطاعة في
القبول بمنزلة المواعدة، فهو من اللَّه ﷿ وعدٌ ومن موسى قبول واتًبَاعٌ
فجرى مجرى المواعدة.
* * *
وقوله ﷿: (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ).
ذكرهم بكفر آبائهم مع هذه الآيات العظام، وأعْلمهم أن كفرهم
بالنبي ي مع وضوح أمره وما وقفوا عليه من خبره في كتبهم ككفر آبائهمْ.
وكان في ذكر هذه الأقاصيص دلالة على تثبيت نُبوة النبي ﷺ لأن هذه الأقاصيص ليست من علوم العرب، وإنما هى من علوم أهل الكتاب، فأنبأهم النبي ﷺ بما في كتبهم، وقد علموا أنه منْ العرب الذين لم يقرأوا كتبهم،