فهذه الآية والتي قبلها احتجاج عليهم في تثبيت توحيد اللَّه ﷿.
ثم احتج عليهم فيما يلي هذه الآية بتثبيت أمر النبي ﷺ فقال: -
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣)
(فِي رَيْبٍ) معناه في شك.
وقوله (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) للعلماءِ فيه قولان
أحدهما: قال بعضهم: (مِنْ مثلهِ): من مثل القرآن - كما قال ﷿:
(فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) وقال بَعْضهم (من مثله) مِنْ بَشَر مِثْلِه.
وقوله ﷿: (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».
أيْ ادعَوَا من استدعيتم طاعته ورجوتم معونته في الإتيان بسورة من
مثله.
* * *
وقوله: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)
قيل لهم هذا بعد أن ثبت عليهم أمر التوحيد وأمر النبي ﷺ فوعدوا بالعذاب إِن لم يؤمنوا بعد ثبوت الحجة عليهم.
وجزم (لَمْ تَفْعَلوا) لأن لمْ أحدثَتْ في الفِعْل المستقبل معنى المضى فجزمتْه، وكل حرف لزم الفعل فأحدث فيه معنى فله فيه من الِإعراب على قسط معناه - فإِن كان ذلك الحرف " أنْ " وأخواتها نحو لَنْ تفعلوا ويريدون " أنْ يطفئوا). فهو نصب لأن أن وما بعده بمنزلة الاسم فقد ضارعت (أنْ الخفيفة) أنَّ المشدَّدة وما بعدها لأنّك إِذا قلت ظننت أنك قائم فمعناه ظننت قيامك، وإِذا قلت أرجو أنْ تَقومَ فمعناه أرجو قيامك، فمعنى " أنْ " وما عملت فيه كمعنى " أنَّ " المشددة وما