183

Macani al-ahbar

مcاني الأخبار

Investigador

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Ubicación del editor

بيروت / لبنان

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ السَّكَنْدَرِيُّ، ح الْكَرِيمِيُّ، ح هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، ﵁ يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ لَمَّا دُفِنَ - يَعْنِي - عُثْمَانَ ﵄: رَجَعَ النَّاسُ يَسْأَلُونِي الْبَيْعَةَ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِمَّا أَقْدَمُ عَلَيْهِ، حَتَّى جَاءَتْ عَزْمَةً، فَبَايَعْتُ، فَلَمَّا قَالُوا لِي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَأَنَّمَا صَعِدَ قَلْبِي، وَأَمْسَكْتُ بِغَيْرَتِي، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ خُذْ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى يَرْضَى فَهَؤُلَاءِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ لَمْ يَتَقَلَّدُوهَا إِلَّا لِضَرُورَةٍ حِينَ لَا يَجِدُوا بُدًّا مِنْ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ، وَشَفَقَةً عَلَى خَلْقِ اللَّهِ، وَحَدْبًا عَلَى عِبَادِ اللَّهِ، لَا رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا، وَلَا طَلَبًا فِي الْأَرْضِ، وَلَا فَسَادًا بِجَمْعِ الْمَالِ. فَقَوْلُ سَلْمَانَ: مَنْ سَلَتَ اللَّهُ أَنْفَهُ أَيْ: إِنَّمَا يَأْخُذُهُ اخْتِيَارًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مَنْ سَلَتَ اللَّهُ أَنْفَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُهَا فِي حَيَاةِ عُمَرَ ﵁، وَعُمَرُ مُسْتَقِلٌّ بِهَا، وَأَفْضَلُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ عُمَرُ إِلَّا مَنْ رَغِبَ فِي الدُّنْيَا، وَطَلَبَ الْعُلُوَّ فِيهَا، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ الَّذِينَ يُشَوِّهُ فِي الْآخِرَةِ صُورَتَهُ، وَيَطَأُهُ النَّاسُ ذُلًّا وَهَوَانًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَنْ سَلَتَ اللَّهُ أَنْفَهُ أَيْ: يَأْخُذُهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَيْ: بَعْدَكَ، مِنْ نِزَاعِ اللَّهِ الْكِبْرَ وَالْعُلُوَّ، وَطَلَبِ الرِّفْعَةِ وَالتَّسَلُّطِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ مِنْهُ، وَإِلْزَامِهِ التَّوَاضُعَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّفَقَةَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ مِنْهُ، فَقَدْ يُقَالُ لِمَنْ تَكَبَّرَ وَتَرَفَّعَ ⦗٢٧٣⦘ وَاسْتَطَالَ عَلَى النَّاسِ شَمَخَ بِأَنْفِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: «سَلَتَ اللَّهُ أَنْفَهُ» أَيْ: نَزَعَ الْكِبْرَ مِنْهُ، وَنَفَاهُ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْأَنْفُ عِبَارَةً عَنِ الْكِبْرِ وَالتَّعَظُّمِ. وَوَضْعُ الْخَدِّ بِالْأَرْضِ، وَإِلْصَاقُهُ بِهَا عِبَارَةٌ عَنِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ، وَالتَّذَلُّلِ لِعِبَادِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٤]، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَأْخُذُهَا عَنْكَ بَعْدَكَ يَا عُمَرُ مَنْ لَا يُرِيدُ بِهَا عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا، بَلْ يُرِيدُ بِهَا تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَشَفَقَةً عَلَى عَبَادِ اللَّهِ ضَرُورَةَ مَخَافَةِ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ، وَتَشْتِيتِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ كَمَا أَخَذَهَا بَعْدَ عُمَرَ عُثْمَانُ ﵄ مُتَوَاضِعًا مُتَذَلِّلًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ وَلَا مُتَجَبِّرٍ، إِمَامًا عَادِلًا خَلِيفَةً صَادِقًا تَسْتَحِييهِ الْمَلَائِكَةُ ﵁، وَبَعْدَهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَأَلْحَقَنَا بِهِمْ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ

1 / 272