11

Macani al-ahbar

مcاني الأخبار

Investigador

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Ubicación del editor

بيروت / لبنان

مَا حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ»، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ» وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَسْلَمَ» فَقِيلَ: اسْتَسْلَمَ، وَقِيلَ: أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ، وَقِيلَ: صَارَ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ اسْتَسْلَمَ، فَهَذَا غَايَةُ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ حَتَّى انْقَادَ لَهُ الْعَدُوُّ وَاسْتَسْلَمَ، وَإِنْ سَلِمَ ﷺ مِنْهُ فَبِحُسْنِ مُعَامَلَتِهِ بَعْدَ عِصْمَةِ رَبِّهِ ﷿، فَسَلِمَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ الرِّفْقِ وَالتَّوَقِّي، وَإِنَّ أَسْلَمَ وَدَخَلَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَا يُسْتَنْكَرُ إِسْلَامُ قَرِينٍ مِنْ بَيْنِ الْجَمِيعِ، كَمَا لَمْ يُسْتَنْكَرْ كُفْرِ وَاحِدٍ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ مَعَ قَوْلِهِ ﷿ ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦]، وَعِصْيَانُ اثْنَيْنِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَيَكُونُ الْوَاحِدُ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْنِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ، فَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ مِنْهُ إِيَّاهُ أَنْ أَسْلَمَ الشَّيْطَانُ، فَقَوْلُهُ ﷺ: «إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»، عِبَارَةٌ عَنْ بُلُوغِ الْغَايَةِ فِي الْعُبُودِيَّةِ كَمَا قُلْنَا، وَلَمَّا كَانَ ⦗٢٩⦘ أَصْلُ الْعُبُودِيَّةِ الْخَصْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا مِنْ تَعْظِيمِ قَدْرِ اللَّهِ، وَحُسْنِ مُعَامَلَةِ خَلْقِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَدُ الْخَصْلَتَيْنِ أَعْظَمَ مِنَ الْأُخْرَى، وَهِيَ تَعْظِيمُ قَدْرِ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ زِيدَ فِي تَحْبِيبِهَا إِلَيْهِ، حَتَّى صَارَتْ قُرَّةَ عَيْنِهِ، فَإِنَّ قُرَّةَ الْعَيْنِ غَايَةُ الْمَحَبَّةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَيَّ فِي الدُّنْيَا الْعُبُودِيَّةُ لِلَّهِ لَا غَيْرَ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «مِنْ دُنْيَاكُمْ»، فَيَكُونُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَظٌّ، وَلَا إِلَيْهَا نَظَرٌ، وَلَا لَهَا عِنْدَهُ حَظٌّ، وَأَنَّهَا بِغَيْضَةٌ رَأْسًا، وَالَّذِي حُبِّبَ إِلَيْهِ فِيهَا مَا هُوَ لِلَّهِ ﷿

1 / 28