وَكَانَ لأبي الشمقمق ضريبة على الشُّعَرَاء فجَاء يَوْمًا إِلَى أبي نواس فَقَالَ هَات ضريبتك فَدخل الْمنزل وَأخرج إِلَيْهِ رقْعَة فِيهَا
(أخَذْت بأيرِ بَغلٍ حِينَ أدْلى ... فُوَيقَ الباعِ كالجذْعِ المطوّقْ)
(فَمَا إنْ زِلتُ أمرسُهُ بكفي ... إِلَى أنْ صارَ كالسَّهم المفوقْ)
(فَلما أَن طَمى ونما وأنْدى ... جلدت بِهِ حرأم أبي الشمقمق) // الوافر //
فَوَقَعت هَذِه الأبيات فِي أَفْوَاه الصّبيان وأجابه أَبُو الشمقمق بِأَبْيَات فَلم تسر لَهُ
وَحدث الجمان قَالَ اجْتمعت أَنا وَأَبُو نواس وَالرَّقَاشِيُّ فِي بعض متنزهات الْبَصْرَة فنفذ شرابنا فَقُلْنَا هَلُمَّ فَلْيقل كل وَاحِد منا بَيْتا فِي السقيا لنبعث بِهِ إِلَى عبد الْملك بن إِبْرَاهِيم فابتدأ أَبُو نواس فَقَالَ
(يَا ابْن إبراهيمَ يَا عَبْدَ الملكْ ... واثِقًا أقْبلتُ بِاللَّه وبِكْ)
(أَنْت لِلْمَالِ إِذا أصلَحتُه ... فَإِذا أنْفقتُه فَالْمَال لَك)
وَقَالَ الرقاشِي
(اسْقني الخَمر ودع من لاَمني ... فِي هَوَى نَفْسي فغَيري مَنْ نَسَكْ)
(وَنِكِ المُرْدَ فَمَا من لذةٍ ... نِلْتَها إِن لم تَنكهم وتُنَكْ)
فَوَقع الْبَيْت الرَّابِع بموافقته وَبعث إِلَيْنَا بِمَا كفانا
وَاجْتمعَ أَبُو نواس يَوْمًا مَعَ الرقاشِي فِي مجْلِس فتذاكرا الشّعْر فَقَالَ لَهُ أَبُو نواس لقد سبقتني إِلَى أَبْيَات وددت أَنَّهَا لي بِجَمِيعِ شعري قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ قَوْلك
(نبهت نَدْمَانِي الموفي بذمّتهِ ... مِن بَعدِ إيْعَاب طاساتٍ وأقداح)