Con los Árabes: En la Historia y la Mitología
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Géneros
ثم تفتق عقله عن جرأة وعبقرية استحق لهما لقب كولومبس الشرق. ذلك أنه ركب يوما سفينة، وقذف بها وبنفسه في غمار العباب، وانطوت أشهر حسب فيها الناس أن العباب افترسه، وكف من ينتظره عن انتظاره.
ولكن شراع سفينته لاح يوما في الأفق مقابل ثغر الإسكندرية وكأنه هبط هبوطا من زرقة الجلد.
لقد مخر هذا الملاح الجريء البحر الأحمر، وتحدى رياحه، وكعم أمواجه وبلغ الهند، وانقلب سالما غانما.
على أن عمل هذا الملاح الذي سماه التاريخ هيبالوس لم يكن مغامرة على العمياء، فإنه أتقن دراسة العواصف في البحر الأحمر، فوجدها تهب على مواقيت، وتبين في ثنايا العباب مسالك خفية تأمن فيها السفن على نفسها .
وكان أن غزا الرومان مصر، وانتزعوها من البطالسة، فبنوا على ما أثبته هيبالوس من قواعد الملاحة في بحر شكس قوي المراس كالبحر الأحمر.
ورأى الحميريون أن طريق الاتصال بالهند - هذا الشريان العظيم الذي كان يمر بأرضهم فيغذيها - قد أخذ في النضوب والتكمش، ولاحت أمائر الشحوب على نجمهم المتألق.
وتوالت عليهم غارات أنسبائهم الأحباش، وظل الاستعمار الروماني يزيد في إضرام الحريق بين الشعبين الشقيقين.
فاستطاع الأحباش، في أواسط القرن الرابع بعد الميلاد، أن يحتلوا اليمن نحوا من ربع قرن، وهو أول احتلال حبشي دام أمدا طويلا، غير أن نداء كان أبدا يهيب بالحميريين إلى الكفاح.
ذلك هو الروح الطبيعي في الأمم، روح الوثوب والانعتاق من النير، فطرد الحميريون الأحباش، وتمكنت الدولة الحميرية الأخيرة - أو دولة التبابعة - من أن تبقي النجم الحميري بازغا في الأفق، يشع بنور شاحب، ولكنه نور على كل حال.
غير أن الأحباش الأكسوميين لم يفروا من اليمن إلا وهم يحلمون بالكرة بعد الفرة.
Página desconocida