Con los Árabes: En la Historia y la Mitología
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Géneros
ولكنه لا يلبث أن يدرك الخضرة والنضارة، فيلمس النبات يجادله في حقيقة وجوده، ويرى الماء، فيغمس فيه إصبعه مترددا في أن يصدق اليقين.
غير أن النبات والماء لا ينبسان بكلام، فالوجود حقيقة تقنع بذاتها، واليقين لا يتنازل للشك.
فيكب بشفتيه على الماء، ويغرق براحتيه، فيسقي وجهه وينام على بساط العشب، ويسمع صوتا يأتيه من السكون: «أنا الصحراء! قلت لي من قبل: شد ما تعذبين أبناءك وتهزئين بهم يا قاسية. ولقد أخطأت؛ كنت ظمآن والشمس تلفعك بحرها فتمنيت وتشهيت، فلوحت لك بالسراب فصدقت، فوقعت في الخيبة، وما كان لك أن تصدق السراب، إنه تخييل أمنية تمجدت بذاتها، وشهوة تبجحت بنفسها، وعينين زور عليهما العصب المكدود، وإني لا أكافئ النفوس التي تتوهم، ولقد أقبلت على هذه الواحة وفيها الماء والعشب، فأطفأت من صدرك شعلة مشبوبة، واسترحت على الأخضر اللين، ونسيت أن تفكر، نسيت أن هذا الماء لو لم تتعهده يد لغاض، ولما نبت هذا النبات، ولكانت هذه الخضرة والنضارة زوالا من الزوال، إني أكافئ اليد التي تنشئ وتبدع».
فتحرك العربي وقال: «سمعت الصوت، وعرفت أيتها الصحراء، عرفت فيك السراب، وعرفت فيك الواحة، وفهمت الرمز، فهمت أنك كالحياة أو أن الحياة مثلك، وفهمت أنك كالدهور أو أن الدهور مثلك، سراب وواحة.
أما السراب فجمال هنيهة وعزاء شر من المصيبة، وأينما كنت من بقاع الأرض، وأينما كنت من عصور الزمان، فسأدعو هذا الدعاء: «اللهم جنبني من كل شيء سرابه، وأدخلني منه في الواحة»!»
Página desconocida