Mabsut
المبسوط
Editorial
مطبعة السعادة
Ubicación del editor
مصر
مَشْرُوعَةٌ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَلَا يَحْصُلُ هَذَا بِالْقَضَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ فَأَمَّا سُنَّةُ الْفَجْرِ فَلَوْ فَاتَتْ مَعَ الْفَجْرِ قَضَاهَا مَعَهُ اسْتِحْسَانًا لِحَدِيثِ «لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ» وَلِأَنَّ لِهَذِهِ السُّنَّةِ مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا. قَالَ ﷺ «صَلُّوهَا فَإِنَّ فِيهَا الرَّغَائِبَ» وَإِنْ انْفَرَدَتْ بِالْفَوَاتِ لَمْ تُقْضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ بِالْفَرَاغِ مِنْ الْفَرْضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِيهَا إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ فِي حُكْمِ أَوَّلِ النَّهَارِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِيهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ
[بَابُ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ]
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: «بَلَغَنَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُصَلِّ بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ فَإِنَّ فِيهِمْ الْكَبِيرَ وَالْمَرِيضَ وَذَا الْحَاجَةِ» وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَوِّلَ الْقِرَاءَةَ عَلَى وَجْهٍ يَمَلُّ الْقَوْمُ لِقَوْلِهِ ﷺ «إنَّ مِنْ الْأَئِمَّةِ الطَّرَّادِينَ» «وَلَمَّا شَكَا قَوْمٌ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ دَعَاهُ قَالَ الرَّاوِي: فَمَا رَأَيْته فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْمَوْعِظَةِ. قَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَهَا ثَلَاثًا أَيْنَ أَنْتَ مِنْ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» وَقَالَ ﷺ «تَكَلَّفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» «وَقَالَ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا صَلَّيْت خَلْفَ أَحَدٍ أَتَمَّ وَأَخَفَّ مِمَّا صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ» وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمًا فَلَمَّا فَرَغَ قَالُوا أَوْجَزْتَ قَالَ سَمِعْتُ بُكَاءَ صَبِيٍّ فَخَشِيتُ عَلَى أُمِّهِ أَنْ تُفْتَنَ» فَدَلَّ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاعِيَ حَالَ قَوْمِهِ
قَالَ (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا بِأَرْبَعِينَ آيَةً مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) يَعْنِي سِوَاهَا وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ بِأَرْبَعِينَ خَمْسِينَ سِتِّينَ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى مِائَةِ آيَةٍ وَهَذَا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِيهِ فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ
1 / 162