فأدناه ثم أقبل عليه وعلى القوم، فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فأنتم أهل الليل والنهار لكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم فانهضوا إلى دار الضيافة والوفود.
وأمر لهم بالإنزال فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ولا يأذن لهم في الانصراف، ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب دونهم، فأدناه وقرب مجلسه واستخلاه، ثم قال: يا عبد المطلب: إني مفوض إليك من سر علمي أمرا، لو غيرك يكن لم أبح له به، ولكن وجدتك معدنا فأطلعتك طلعة فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره، إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اختزناه لأنفسها واحتجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما لك، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للناس كافة ولرهطك عامة ولك خاصة.
فقال عبد المطلب: مثلك أيها الملك سر وبر ، فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟
قال: إذا ولد بتهامة غلام به علامة بين كتفين شامة تكون له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة.
قال عبد المطلب: أبيت اللعن قد أبت بخير ما آب به وافد قوم ولولا هيبة الملك وإعظامه لسألته من ساره إياي ما أزداد به سرورا.
Página 104