فلما أصبح الناس غدوا إلى أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة له فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة! أنأكل الطعام ونشرب الشراب، وبنو هاشم هلكى في شعب قد سد عليهم؟ والله لا نقعد حتى نشق هذه الصحيفة القاطعة الغادرة الظالمة.
فقال أبو جهل: كذبت والله لا تشقها.
فقال زهير: أنا أول من تبرأ.
فوثب إليه قومه فأخذوه، فوثب أبو البختري فقال لأبي جهل: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابها حين كتبت، فوثبوه إليه فأخذوه.
فقال مطعم بن عدي: على رسلكم، وأنا أبرأ منها أيضا وأنا لهم جار، فأرسل القوم صاحبيه حين سمعوا مطعما.
فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل، وبلغ ذلك بني هاشم فخرجوا من شعبهم.
قال أهل التاريخ:
خرج أبو طالب ببني هاشم والمطلب حتى أتوا المسجد فجلسوا حجرة، وقام مطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها، إلا باسمك اللهم، وقال حسان بن ثابت يبكي المطعم بن عدي ويذكر قيامه في نقض الصحيفة:
يا عين بكي سيد الناس واسجمي ... بدمع وإن أنزفته فاسكبي دما
وبكي عظيم المشعرين وربها ... إلى الناس معروفا إذا ما تكلما
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا ... عبيدك ما لبى محل وأحرما
ولو سئلت عنه معد بأسرها ... وقحطان أو باقي بقية جرهما
Página 235