El último teorema de Fermat: El enigma que confundió a los genios matemáticos durante siglos
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
Géneros
بعض علماء الرياضيات الآخرين قد حظوا هم أيضا بمسيرة عملية على الدرجة نفسها من البراعة والقصر. فعالم الرياضيات النرويجي الذي عاش في القرن التاسع عشر، نيلز هنريك آبل، قد قدم أعظم إسهاماته في الرياضيات وهو في سن التاسعة عشرة، ومات فقيرا بعد ذلك بثماني سنوات، من مرض السل أيضا. لقد قال عنه تشارلز هرمايت: «لقد ترك لعلماء الرياضيات ما يبقيهم منشغلين على مدى خمسمائة عام.» ولا شك أن اكتشافات آبل لا يزال لها عظيم الأثر على علماء الرياضيات المنشغلين بنظرية الأعداد في الوقت الحالي. إيفاريست جالوا، معاصر آبل الذي لا يقل عنه نبوغا، قد قدم هو أيضا إنجازاته الكبيرة وهو لا يزال في سن المراهقة، ومات في الواحدة والعشرين فحسب.
ليس الهدف من هذه الأمثلة الاستدلال على أن علماء الرياضيات يموتون مبكرا وعلى نحو مأساوي، بل توضيح أن أفكارهم الأكثر عمقا تتولد عادة في مرحلة الشباب؛ فمثلما قال هاردي من قبل: «أنا لا أعرف مثالا على تقدم مهم في الرياضيات قد توصل إليه رجل تجاوز الخمسين.» وغالبا ما يتلاشى علماء الرياضيات متوسطو العمر إلى الخلفية ويقضون السنوات المتبقية من أعمارهم في التدريس أو الإدارة لا البحث. أما في حالة أندرو وايلز، فذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة. لقد بلغ الأربعين من العمر، لكنه قضى السنوات السبع الأخيرة في العمل بسرية تامة، في محاولة لحل المسألة الفريدة الأعظم في الرياضيات. وبينما كان الآخرون يشكون في أنه قد نضب، كان وايلز يحرز تقدما مذهلا، ويبتكر تقنيات وأدوات جديدة كان قد أصبح آنذاك مستعدا للإفصاح عنها. لقد كان قراره بالعمل في انعزال تام استراتيجية تنطوي على قدر كبير من الخطورة، وهي غير معروفة في عالم الرياضيات.
لما كانت الرياضيات تخلو من الاختراعات التي يمكن التقدم بالحصول على براءة لها، فقد صارت أقسام الرياضيات في أي جامعة هي أقل الأقسام سرية على الإطلاق. إن ذلك المجتمع يفتخر بانفتاحه وبالتبادل الحر للأفكار فيه، حتى إن استراحات الشاي قد تطورت إلى طقوس يومية لمشاركة الأفكار واستكشافها مع تناول قطع البسكويت وشاي إيرل جراي. ونتيجة لذلك، يزداد انتشار الأوراق البحثية التي يشترك فيها عدد من المؤلفين أو فرق من علماء الرياضيات؛ ومن ثم فهم يتشاركون المجد بالتساوي. بالرغم من ذلك، إذا كان البروفيسور وايلز قد اكتشف برهانا كاملا ودقيقا لمبرهنة فيرما الأخيرة؛ فإن أبرز جائزة في الرياضيات كانت ستصبح من نصيبه وحده دون منازع. وكان الثمن الذي اضطر إلى دفعه مقابل هذه السرية ، هو أنه لم يناقش قبل ذلك أفكاره مع مجتمع الرياضيات أو يختبرها؛ ومن ثم فقد كان ثمة احتمال كبير في أنه قد ارتكب خطأ جوهريا.
من الناحية المثالية، كان وايلز يرغب في قضاء وقت أكبر في مراجعة عمله؛ لكي يتمكن من التحقق من مخطوطته النهائية تماما. غير أن الفرصة الفريدة قد ظهرت بعد ذلك ليعلن عن اكتشافه في معهد إسحاق نيوتن في كامبريدج، وتخلى وايلز عن حذره. إن الهدف الوحيد من وجود هذا المعهد هو جمع العقول الأعظم في العالم معا لبضعة أسابيع من أجل عقد الحلقات النقاشية بشأن موضوع بحثي حديث من اختيارهم. يقع المبنى على أطراف الجامعة بعيدا عن الطلاب وغير ذلك من مصادر التشتيت، وقد صمم خصيصى لتشجيع الباحثين الأكاديميين على التعاون والعصف الذهني، إذ لا توجد بالمبنى ممرات مغلقة يمكن الاختباء فيها، وجميع المكاتب تقع قبالة ساحة مركزية. من المفترض أن يقضي علماء الرياضيات وقتهم في هذا المكان المفتوح، وهم يثنون عن غلق أبواب مكاتبهم. وحتى المصعد الذي لا ينتقل إلا بين ثلاثة طوابق، يحتوي على سبورة سوداء، بل إن كل قاعة في المبنى، بما في ذلك دورات المياه، تحتوي على سبورة واحدة على الأقل. وفي هذه المناسبة، عقدت حلقات النقاش في معهد إسحاق نيوتن تحت عنوان «الدوال اللامية وعلم الحساب» وقد اجتمع أفضل علماء نظرية الأعداد في العالم، لمناقشة المسائل المتعلقة بهذا المجال المتخصص للغاية من الرياضيات البحتة. غير أن وايلز وحده هو الذي أدرك أن الدوال اللامية قد تنطوي على مفتاح حل مبرهنة فيرما الأخيرة.
وبالرغم من أن الفرصة في الإفصاح عن عمله لمثل ذلك الجمهور الرفيع كانت من عوامل الجذب بالنسبة إليه، فقد كان السبب الأساسي للقيام بمثل ذلك الإعلان في معهد إسحاق نيوتن، هو أنه يقع في بلدته الأصلية: كامبريدج. كان ذلك هو المكان الذي ولد فيه وايلز، وترعرع، ونما فيه شغفه بالأعداد، وفيه قد عثر أيضا على المسألة التي كانت ستهيمن على بقية حياته. (1-1) المسألة الأخيرة
في عام 1963، حين كان أندرو وايلز في العاشرة من عمره، صار متيما بالفعل بالرياضيات. «لقد كنت أحب حل المسائل في المدرسة، وكنت آخذها إلى البيت وأؤلف بنفسي مسائل جديدة. غير أن أفضل مسألة عثرت عليها على الإطلاق، قد اكتشفتها في المكتبة المحلية بالبلدة.»
في أحد الأيام حين كان وايلز الصغير يسير إلى البيت بعد خروجه من المدرسة، قرر زيارة المكتبة الواقعة في ميلتون رود. وقد كانت فقيرة بعض الشيء مقارنة بمكتبات الكليات، غير أنها كانت تزخر بمجموعة وفيرة من كتب الألغاز، وكان ذلك هو ما يسترعي انتباه أندرو في أغلب الأحيان. كانت هذه الكتب تمتلئ بجميع أشكال المعضلات العلمية والأحاجي الرياضية، وكانت إجابات هذه الأسئلة تقبع في مكان ما في الصفحات الأخيرة. أما في هذه المرة، فقد كان ما جذب انتباه أندرو هو كتابا لا يتضمن إلا مسألة واحدة دون حل لها.
كان عنوان الكتاب هو «المسألة الأخيرة» من تأليف إريك تيمبل بيل، وكان يسرد تاريخ مسألة رياضية تعود جذورها إلى اليونان القديمة، لكنها لم تصل إلى مرحلة النضج الكامل إلا في القرن السابع عشر، وذلك حين صاغها الرياضي الفرنسي العظيم بيير دو فيرما، لتكون تحديا لبقية العالم دون قصد منه. وواحدا تلو الآخر، شعر العديد من علماء الرياضيات العظام بالتواضع أمام إرث فيرما، وعلى مدى ثلاثمائة عام، لم يتمكن أحد من حله. ثمة أسئلة أخرى ما من إجابة لها في الرياضيات، غير أن ما يميز مسألة فيرما هو بساطتها الخادعة. وبعد ثلاثين عاما من قراءة كتاب بيل للمرة الأولى، أخبرني وايلز بما شعر به في اللحظة التي تعرف فيها على مبرهنة فيرما الأخيرة: «لقد بدت بسيطة للغاية، ومع ذلك، لم يتمكن جميع علماء الرياضيات العظام في التاريخ من حلها. تلك مسألة، تمكنت أنا الصبي ذو الأعوام العشرة من فهمها، وقد عرفت منذ تلك اللحظة أنني لن أستطيع نسيانها. كان علي أن أحلها.»
تبدو المسألة مباشرة للغاية؛ لأنها تستند إلى المعلومة الرياضية الوحيدة التي يتذكرها الجميع، وهي مبرهنة فيثاغورس:
في المثلث القائم الزاوية، يكون مربع طول الوتر مساويا لمجموع مربعي طولي الضلعين الآخرين.
Página desconocida