Debates Científicos y Sociales
مباحث علمية واجتماعية
Géneros
لا إكراه في الدين . وإذا طرأ عليهما ما خالف ذلك في بعض العصور وفي بعض المواقف، فلدواع اجتماعية ليست من جوهر الدين، وكأن كلاهما في هذا الإرغام سواء. هذا هو مبدأ الدينين الاجتماعي.
ولكن الباحث الذي يتعقب كلام كل من الكتابين يجد فيهما كثيرا من مثل قوله:
واقتلوهم حيث ثقفتموهم
بعد قوله:
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ، ومثل قوله: «ما جئت لألقي سلاما، بل سيفا.» بعد قوله: «من لطمك على خدك الأيمن فحول له الأيسر.» إلى غير ذلك من المفارقات التي لا يذهب مغزاها على العاقل ولا مكانها من القول، ولكن قد تضر كثيرا بالجاهل، وتكون عنده سببا للتشبث السقيم، وللأخذ في سباسب الجدال العقيم، فتضر بالدين وبمصلحة العمران معا. لذلك رأى العقلاء من المؤمنين في النصرانية والإسلام وجوب رد مثل هذه القضايا المشتبهة التي قد تلتبس على الأفهام، فتبدو مخالفة لمصلحة الاجتماع، إلى مبدأ الدين الجوهري الذي تقدم ذكره، والذي هو غرض الشارع الحقيقي، وتأويلها بحسب ذلك، حتى صار الاجتهاد أمرا لازما في الدين. والحق يقال إن رجال الدين في الإسلام قد برزوا في هذا الأمر كثيرا في العصور الأولى، وفاقوا النصرانية فيه؛ لأن كبار أئمتهم كانوا من كبار الفلاسفة أيضا لا في الدين، بل بمعنى الكلمة الحقيقي، حتى بلغت علوم الفلسفة التي أخذوها عن اليونان في نهضتهم الأولى أقصى مراقيها، بخلاف النصرانية؛ فإن الفلسفة طمست فيها على عهدها الأول، وعدت من المحظورات، فيما خلا النظريات المتعلقة باللاهوت المسيحي، وبقيت كذلك إلى عهد الانشقاق العظيم الذي حصل في النصرانية في أوائل عصور النهضة في أوروبا.
وأول من أجاز الاجتهاد في الإسلام أبو بكر بعد موت النبي في قتال أهل الردة؛ إذ كان الاعتقاد أن من تشهد لا يجوز قتاله على تركه شيئا من الدين، وهذا كان رأي أكثر الصحابة. أما أبو بكر الخليفة الأول للإسلام فنظر إلى المسألة من وجهها السياسي، وخاف عاقبة التراخي مع العرب الذين امتنعوا عن تأدية الزكاة، فقال: «لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى الرسول لقاتلتهم على منعه.» ومضى بنفسه إلى قتالهم، وجرى الإسلام على خطته من جهة الاجتهاد كل مدة النهضة.
وقد قال الغزالي، وهو من كبار أئمة الإسلام في أول القرن السادس للهجرة، بوجوب التأويل في قضايا الدين والتوسع فيه؛ لما رآه من التخاذل في ظاهر الدين والعلم في أمور كثيرة، فخاف أن يقف ذلك في سبيل العلم، ثم يعبث بالدين، فقال ما ملخصه: «إذا بدا لك تناقض بين الدين والعلم فاعمد إلى التأويل؛ ذلك خير من أن ترمي الدين بتهمة الضعف.» ولذلك كان كل دين لا يتسع فيه مجال الاجتهاد كثيرا مقضيا على أممه بحكم الضرورة.
2
ومما تقدم يتضح لك أن لا فرق بين الإسلام والنصرانية في غايتهما الاجتماعية ومبدئهما في هذه الغاية، ولكن الناظر إلى العمران اليوم يجد بونا بعيدا بين الأمم التابعة لكل من الفريقين، فلماذا هذا الفرق؟
الناس في نظرهم إلى الدين فريقان: فريق يغلبه الهوى، فيندفع بتيار التشيع والتحمس الأعمى، فيقضي على الصبغة الدينية التي تخالف صبغته كيفما كان حال الأقوام المصطبغين بها، حسنة أم رديئة. ومثل هؤلاء لا شأن لنا معهم في بحثنا هذا، وهم في مجموعهم قذى في عين العمران، وشجى في حلقه، معطلين كانوا أم مؤمنين، مشركين أم موحدين، نصارى أم مسلمين، من هذا المذهب أم من تلك الشيعة، والمؤمنون منهم شر على الدين من سواهم.
Página desconocida