وفى العام الماضى، وبعد العودة من رحلة إيروان، كان الرأى المنظور بنظرة العطف للخاقان فاتح البلاد، بأن يترك النواب نائب السلطنة ولى العهد فى مستقر السلطنة ومقر الخلافة، وبأن يتوجه هو فى السنة القادمة بالنفس الغالية لمحاربة الروس، وفى وقت الاستعداد لسفر أذربيچان ظهرت آثار الملل على الوجه الذى كالشمس للأمير الشاب المحظوظ بسبب مشاهدة هذا الحال، وعرضت العين الممتلئة بالدموع وجه الحاجة فى خدمة الخاقان المنصور وطلب:" بأنه يحب أن تفوض خدمة محاربة الروس [ص 126] وتعويض ما فات من رحلة إيروان بعهدة اهتمام هذا العبد الأحقر مؤسس العبودية"، فسمح له الخديو فاتح البلاد بسبب كمال مرحمته على تصور أن لنائب السلطنة سرورا للسفر فى رأسه بمقتضى هوس الشباب وهوى السعادة، حيث إنه فى أثناء تحرك لواء فاتح العالم وفى أيام توقف الأمير فى دار السلطنة طهران يميل إلى السفر عازما إقليم لرستان وينشغل فى تلك المناطق بالنزهة والصيد، فطلب نائب السلطنة اقتضاء للهمة العالية فسخ عزيمة موكب الظفر المأنوس وإظهار الرغبة فى السفر إلى أذربيچان، فنفذ الخاقان فاتح البلاد ملتمس حضرته بناء على استرضاء خاطره، وكلفه بالسفر إلى أذربيچان. وبعد تحرك موكب نائب السلطنة والنزول الجليل خارج قلعة دار السلطنة طهران تشرف بالقدوم مكرما الخاقان أثر المرحمة إلى معسكر الابن المحبوب، وفى اليوم التالى رفع النواب نائب السلطنة راية العزيمة صوب تلك الحدود ومعه جمع من الأمراء والحكام الذين كانوا مكلفين بالسفر إلى أذربيجان فى ركاب حضرته، وقد صار ميرزا عيسى الملقب بالوزير ميرزا الكبير- الذى كان مكلفا فى العام الماضى بتنظيم أمور دار السلطنة طهران- ولما كان الهلال بعيدا عن نور شمس الحضور- فقد صار فى هذا السفر ملتزما ركاب الأمير ذى الجواهر العالية بأمر صاحب التاج، ومع أن إتمام هذه الخدمة كان موكولا للرأى الرزين للأمير العزيز المتمكن، فإن الحضرة العلية الخاقانية نظر ثانية باحثا عن رضا خاطر واطمئنان الأمير، وبحجة النزهة والصيد فى ناحية أذربيچان- جعل فى الرابع والعشرين من شهر صفر المظفر مرج سلطانية مضربا لسرادقات العز والشأن.
وبعد عدة أيام من التوقف بسلطانية، ارتفعت راية النصرة صوب أذربيجان، وفى أثناء تحرك رايات فاتح البلاد من مرج سلطانية، كلف مقرب الحضرة إسماعيل خان الدامغانى- وهو من خواص غلمان بلاط ملجأ العالم وموصوفا بالجلادة الزائدة ومعروفا بالكياسة الوافرة-[ص 127] مع جمع من طلائع مضمار الظفر وفدائيى ساحة الرجولة والفضل، وأمره بأن يلحق بالنائب ولى العهد، وبأن يتبع رأى مزين ملك القضاء المقتضى، وفى مقابل تحرك موكب فاتح العالم من سراب، أصدر الأمر للأمير على خان الأخ العزيز لنائب السلطنة الموفق بالتوقف فى" زنجان" وفى منزل" ميانج " وجه النواب نائب السلطنة والخلافة- طبقا لدستور العمل السلطانى- مهدى قلى خان القاجارى مع فوج من الجيش أثر النصر إلى إيروان، وقرر له: بأنه لو أوقف محمد خان عادته السابقة فى الارتباط مع الروس وجعفر قلى خان، ويقضى أوقاته فى الخدمة والإخلاص حتى يقوم بتقويته ومساندته فى الاستقلال، وإلا فسوف ينحيه عن حكم الولاية ويعزله، وبأن ينشغل هو بحكم ذلك المكان ويضبط أمور الولاية وينظمها، وكلف بمرافقته أيضا إسماعيل خان القاجارى حاكم خوى الذى كان متوقفا هناك.
Página 162