[مقدمة المؤلف]
رب يسر وأعن يا كريم
الحمد لله الذي شرح صدور أوليائه بمواد العناية، ويسر لهم القيام بتفصيل مجملات أنبائه بتكثير أسباب الهداية، وألهمهم الاعتراف بعدم الإحاطة بحصر نعمائه التي لا تدرك لها غاية، وأعجزهم عن استيعاب شكر آلائه وإن اتسعت الدراية والرواية، أحمده وله الخلق والأمر على أن جعل الدنيا دار تخلية يتغلب فيها وضيع القدر على سلطان من هو كليلة القدر خير من ألف شهر، ولو شاء الله على سبيل القهر، لملكها بحذافيرها أهل السوابق والفخر، بحيث يقفون دائما حلولا منها في الصدر، ويستمر الطليق بها أبدا مغلولا تحت حكم الأسر، لكن أبى ربنا جل وعلا لعباده الفضلاء أن ينيلهم في الآخرة الدرجات العلا، حتى يعاملهم في الدنيا معاملة الاختبار والابتلاء: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا }[الملك:2].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة منوطة من اليقين بأقوى سلسلة، مشفوعة من التحقيق بأنوار أدلة غير مخجلة، صادرة عن اعتقاد راج أن يبلغ قائلها من كل مأمول، غاية السؤل، حتى يعلم ما يقول في رضى الرسول، والوصي وأولاده وزوجته البتول، ويؤيد بالتوفيق إلى التلفيق بين إقامة حجة الفاضل والاعتذار للمفضول، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، واسطة عقد النبوة المنظوم، ونافحة الألوة التي هي زينة المشموم، المستأثر بمؤاخاة أفضل الصحابة على العموم، علي أبي الأئمة الهداة الذين هم للبرية كالنجوم، صلوات الله عليهم أجمعين صلاة تتصل وتدوم، ما انتصر من ظالم لمظلوم، وسفحت عين عبرة للمستحق المحروم.
Página 82