63

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Investigador

عمر بن محمود أبو عمر

Editorial

دار ابن القيم

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Ubicación del editor

الدمام

Géneros

وَالظَّاهِرُ الْمَفْهُومُ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ اسْمَهُ الرَّحْمَنَ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ الذَّاتِيَّةِ مِنْ حَيْثُ اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ، وَاسْمَهُ الرَّحِيمَ يَدُلُّ الصِّفَةِ الْفِعْلِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إِيصَالِهِ الرَّحْمَةَ إِلَى الْمَرْحُومِ فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾، ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التَّوْبَةِ: ١١٧] وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ إِنَّهُ بِهِمْ رَحْمَنٌ، وَوَصَفَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِأَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التَّوْبَةِ: ١٢٨] وَلَمْ يَصِفْ قَطُّ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ أَنَّهُ رَحْمَنٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "رَاضٍ" خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَأَنَا رَاضٍ "بِهِ" أَيْ: بِاللَّهِ ﷿ "مُدَبِّرًا" حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ أَيْ: بِتَدْبِيرِهِ لِي فِي جَمِيعِ شُئُونِي فَإِنَّ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِيَدِهِ وَهُوَ الَّذِي يَعْلَمُ مَا لَا نَعْلَمُ وَيُقَدِّرُ مَا لَا نُقَدِّرُ، وَهُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطَّلَاقِ: ١٢] . وَ"مُعِينًا" لِي عَلَى جَمِيعِ أُمُورِي الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَإِنِّي لَا أَقْدِرُ إِلَّا عَلَى مَا أَقْدَرَنِي عَلَيْهِ وَلَا عِلْمَ لِي إِلَّا مَا عَلَّمَنِيهِ فَلَا أَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ وَلَا أَسْتَعِينُ إِلَّا بِهِ وَلَا أَتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَيْهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا مَنْجَا وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ.
الْقَوْلُ فِي حَمْدِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا هَدَانَا ... إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ وَاجْتَبَانَا أَيْ: "وَ" أُثْنِي بِحَمْدِهِ فَأَقُولُ "الْحَمْدُ لِلَّهِ" كَمَا أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وَأَمَرَ بِذَلِكَ عِبَادَهُ فَقَالَ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِنَبِيِّهِ خِطَابًا يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أُمَّتِهِ ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [النَّمْلِ: ٩٥] فَلَهُ الْحَمْدُ كَالَّذِي يَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ سُبْحَانَهُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، وَعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ﵁ قَالَ: قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أُنْشِدُكَ مَحَامِدَ حَمِدْتُ بِهَا رَبِّي ﵎، فَقَالَ ﷺ: "أَمَا إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ

1 / 68