Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Editorial
دار ابن القيم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Ubicación del editor
الدمام
Géneros
فَلَمْ يَكْفُرْ هَذَا الكفر أحد من النَّاسِ، وَكَانَ هَذَا الْمَذْهَبُ الَّذِي انْتَحَلَهُ ابْنُ عَرَبِيٍّ وَنَظَمَهُ ابْنُ الْفَارِضِ فِي تَائِيَّتِهِ "نَظْمِ السُّلُوكِ" وَأَصْلُ هَذَا الْمَذْهَبِ الْمَلْعُونِ انْتَحَلَهُ ابْنُ سَبْعِينَ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُطْبِ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ الرَّقُوطِيُّ نِسْبَةً إِلَى رَقُوطَةَ بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مُرْسِيَةَ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ وَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ وَالْفَلْسَفَةِ فَتَوَلَّدَ لَهُ الْإِلْحَادُ مِنْ ذَلِكَ وَصَنَّفَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْرِفُ السِّيمِيَاءَ وَيُلْبِسُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَغْبِيَاءِ مِنَ الأمراء والأغنياء، ويزعم أَنَّهُ حَالٌ مِنْ أَحْوَالِ الْقَوْمِ. وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ كِتَابُ الْبُدُوِّ، وَكِتَابُ الْهُوَ. وَقَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى عَقْلِ صَاحِبِهَا أَبِي نُمَيٍّ، وَجَاوَرَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِغَارِ حِرَاءَ يَرْتَجِي فِيهِ الْوَحْيَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ كَمَا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ بِنَاءً عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مِنَ الْعَقِيدَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ أَنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ وَأَنَّهَا فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى الْعَقْلِ إِذَا صَفَا فَمَا حَصَلَ لَهُ إِلَّا الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنْ كَانَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا رَأَى الطَّائِفِينَ حَوْلَ الْبَيْتِ يَقُولُ عَنْهُمْ: كَأَنَّهُمُ الْحَمِيرُ حَوْلَ الْمَدَارِ وَأَنَّهُمْ لَوْ طَافُوا بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ١، فَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ، وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ عَظَائِمُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ: نُفَاةُ الْقَدَرِ وَهُمْ فِرْقَتَانِ:
فِرْقَةٌ نَفَتْ تَقْدِيرَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِالْكُلِّيَّةِ وَجَعَلَتِ الْعِبَادَ هُمُ الْخَالِقِينَ لِأَفْعَالِهِمْ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَلَازِمُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُمْ هُمُ الْخَالِقُونَ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِمْ نَفْيَ تَصَرُّفِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ وَإِخْرَاجَ أَفْعَالِهِمْ عَنْ خَلْقِهِ وَتَقْدِيرِهِ، فَيَكُونُ تَكَوُّنُهُمْ مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ إِلَى آخِرِ أَطْوَارِ التَّخْلِيقِ هُمْ بِأَنْفُسِهِمْ تَطَوَّرُوا، وَبِطَبِيعَتِهِمْ تَخَلَّقُوا، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى مَذْهَبِ الطَّبَائِعِيِّةِ الدَّهْرِيَّةِ الَّذِينَ لَمْ يُثْبِتُوا خَالِقًا أَصْلًا كَمَا قَدَّمْنَا مُنَاظَرَةَ أَبِي حَنِيفَةَ لِبَعْضِهِمْ فَأَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْهِ.
١ انظر أقوال هذه الطائفة تفصيلا في: الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ لمحمود القاسم. ففيه ما يغنيك ويشفيك ويكشف لك عوارهم وضلالهم إن شاء الله تعالى.
1 / 371