Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editor
عمر بن محمود أبو عمر
Editorial
دار ابن القيم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Ubicación del editor
الدمام
Géneros
نُورِكُمْ﴾ [الْحَدِيدِ: ١٣] فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ تَعَدَّى بِنَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَدَاةٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿انْظُرُونَا﴾ أَلَمْ يُضِفِ اللَّهُ تَعَالَى النَّظَرَ إِلَى الْوُجُوهِ الَّتِي فِيهَا الْإِبْصَارُ، وَيُعَدِّهِ بِإِلَى الَّتِي تُفِيدُ الْمُعَايَنَةَ بِالْبَصَرِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ اللُّغَةِ ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ أَوَلَمْ يُفَسِّرْهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالرُّؤْيَةِ الْجَلِيَّةِ عِيَانًا بِالْأَبْصَارِ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ حَدِيثًا صَحِيحًا، حَتَّى شَبَّهَ تِلْكَ الرُّؤْيَةَ بِرُؤْيَتِنَا الشَّمْسَ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، تَشْبِيهًا لِلرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ، لَا لِلْمَرْئِيِّ بِالْمَرْئِيِّ، وَلَمْ يَزَلِ الصَّحَابَةُ مُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ، وَيُحَدِّثُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَيَنْقُلُهُ التَّابِعُونَ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَهَلُمَّ جَرًّا. فَنَحْنُ أَخَذْنَا دِينَنَا عَنْ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَنْتُمْ عَمَّنْ أَخَذْتُمْ؟ وَمِنْ شُبُهَاتِهِمْ فِي نَفْيِ الرُّؤْيَةِ اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ ﷿: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١١٣] وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا عَنِ الصَّحَابَةِ تَفْسِيرَانِ: أَوَّلُهُمَا لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا١، وَبِذَلِكَ نَفَتْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأَى رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ. ثَانِيهُمَا تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ ﴿لَا تُدْرِكُهُ﴾ أَيْ: لَا تُحِيطُ بِهِ، فَالنَّفْيُ لِلْإِحَاطَةِ لَا لِلرُّؤْيَةِ٢، وَهَذَا عَامٌّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ الرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ، فَهَذَا تَفْسِيرُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْكِتَابِ هَلْ بَيْنَهُمْ مِنْ أَحَدٍ فَسَّرَ الْآيَةَ بِمَا افْتَرَيْتُمُوهُ؟ وَمِنْ إِفْكِهِمُ ادِّعَاؤُهُمْ مَعْنَى التأبيد في النفي ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٤٣] حَتَّى كَذَبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا مُخْتَلَقًا لَفْظُهُ: لَنْ تَرَانِي فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ. وَهُوَ مَوْضُوعٌ مَكْذُوبٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: إِنَّ نَفْيَ "لَنْ" لِلتَّأْبِيدِ مُطْلَقًا إِلَّا الزَّمَخْشَرِيُّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ ذَلِكَ تَرْوِيجًا لِمَذْهَبِهِ فِي الِاعْتِزَالِ، وَجُحُودِ صِفَاتِ الْخَالِقِ جَلَّ وَعَلَا، وَقَدْ رَدَّهُ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ كَابْنِ كَثِيرٍ وَغَيْرِهِ٣، وَرَدَّهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْكَافِيَةِ حَيْثُ قَالَ:
١ تفسير ابن كثير "٢/ ١٦٨".
٢ تفسير ابن كثير "٢/ ١٦٧".
٣ تفسير ابن كثير "٢/ ٢٥٤".
1 / 361