205

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Investigador

عمر بن محمود أبو عمر

Editorial

دار ابن القيم

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Ubicación del editor

الدمام

Géneros

وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَ، فَجَمِيعُ صِفَاتِهِ صِفَاتُ كَمَالٍ وَجَلَالٍ تَلِيقُ بِعَظَمَةِ ذَاتِهِ وَنَفْيُهَا ضِدُّ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ اتِّفَاقِ التَّسْمِيَةِ اتِّفَاقُ الْمُسَمَّيَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى نَفْسَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ جَعَلَ الْإِنْسَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، وَسَمَّى نَفْسَهُ الرَّءُوفَ الرَّحِيمَ، وَأَخْبَرَ أَنَّ نَبِيَّهُ ﷺ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، وَسَمَّى نَفْسَهُ الْمَلِكَ فَقَالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ - مَلِكِ النَّاسِ﴾ وَسَمَّى بَعْضَ خَلْقِهِ مَلِكًا فَقَالَ: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾ [يُوسُفَ: ٥٤] وَهُوَ الْعَزِيزُ وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ عَزِيزًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ اتِّفَاقِ التَّسْمِيَةِ اتِّفَاقُ الْأَسْمَاءِ وَمُقْتَضَيَاتِهَا، فَلَيْسَ السَّمْعُ كَالسَّمْعِ وَلَا الْبَصَرُ كَالْبَصَرِ وَلَا الرَّأْفَةُ كَالرَّأْفَةِ وَلَا الرَّحْمَةُ كَالرَّحْمَةِ وَلَا الْعِزَّةُ كَالْعِزَّةِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمَخْلُوقُ كَالْخَالِقِ وَلَا الْمُحْدَثُ الْكَائِنُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَالْأَوَّلِ الْآخِرِ الظَّاهِرِ الْبَاطِنِ، وَلَيْسَ الْفَقِيرُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِنَفْسِهِ كَالْحَيِّ الْقَيُّومِ الْغَنِيِّ عَمَّا سِوَاهُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، فَصِفَاتُ الْخَالِقِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ قَائِمَةٌ بِهِ لَائِقَةٌ بِجَلَالِهِ أَزَلِيَّةٌ بِأَزَلِيَّتِهِ دَائِمَةٌ بِدَيْمُومِيَّتِهِ، لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِهَا وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ، لَمْ تُسْبَقْ بِضِدٍّ وَلَمْ تُعْقَبْ بِهِ بَلْ لَهُ تَعَالَى الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ أَوَّلًا وَأَبَدًا: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشُّورَى: ٤٢] فَمَنْ شَبَّهَ اللَّهَ تَعَالَى بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ نَفَى عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ. "لَا تَبْلُغُ الْأَوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ" أَيْ: نِهَايَةَ حَقِيقَتِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ٢٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] وَإِنَّمَا نَعْرِفُهُ تَعَالَى بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى رُسُلِهِ بِأَنَّهُ أَحَدٌ صَمَدٌ ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الْإِخْلَاصِ: ٣-٤] ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [الْحَشْرِ: ٢٢] ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الْحَشْرِ: ٢٣]، ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الْحَشْرِ: ٢٤] ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ

1 / 211