Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Investigador
عمر بن محمود أبو عمر
Editorial
دار ابن القيم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Ubicación del editor
الدمام
Géneros
ثَوَابِتُهَا وَسَيَّارَاتُهَا مَعَ هَذَا النِّظَامِ الَّذِي سَخَّرَهَا فِيهِ وَقَدَّرَهَا وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ الظَّلَامِ وَالضِّيَاءِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ رَبُّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، خَالِقُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ السَّائِرَةِ وَالثَّوَابِتِ الْحَائِرَةِ، خَالِقُ اللَّيْلِ بِظَلَامِهِ وَالنَّهَارِ بِضِيَائِهِ وَالْكُلُّ تَحْتَ قَهْرِهِ وَتَسْخِيرِهِ وَتَسْيِيرِهِ سَائِرُونَ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يَتَعَاقَبُونَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَيَدُورُونَ، فَهُوَ تَعَالَى الْخَالِقُ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَبُّكُمْ وَإِلَهُكُمْ صَادِقًا فَلْيَعْكِسِ الْأَمْرَ وَلْيَجْعَلِ الْمَشْرِقَ مَغْرِبًا وَالْمَغْرِبَ مَشْرِقًا وَالثَّابِتَ سَائِرًا وَالسَّائِرَ ثَابِتًا كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنِ الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ. وَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَجُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَذَهَبَتْ شُبَهُهُ وَغُلِبَ وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ قَوْلٌ سِوَى الْعِنَادِ عَدَلَ إِلَى اسْتِعْمَالِ جَاهِهِ وَقُوَّتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَسَطْوَتِهِ وَاعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ نَافِعٌ لَهُ وَنَافِذٌ فِي مُوسَى ﵊ فَقَالَ وَظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ هَذَا الْمَقَامِ مَقَالٌ: ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٢٩] إِلَى آخِرِ مَا قَصَّ اللَّهُ ﷿ عَنْهُ، حَتَّى قَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَاصِمُ الْجَبَابِرَةِ وَأَخَذَهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
وَمُنَاظَرَةُ الرُّسُلِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فِي الْبَابِ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَمَقَامَاتُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ مَعَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، فَمَنْ شَاءَهَا فَلْيَقْرَأِ الْمُصْحَفَ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ، إِلَّا أَنَّ أُمَّتَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَجْحَدُ الْخَالِقَ بَلْ هُمْ مُقِرُّونَ بِهِ وَبِرُبُوبِيَّتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ بَلْ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِهِمْ: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لُقْمَانَ: ٢٥ وَالزُّمَرِ: ٣٨] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: ٦٣] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٩] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ مَا نُقِلَ عَنِ الْأَئِمَّةِ وَعَنْ غَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ:
عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الرَّشِيدَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَاسْتَدَلَّ لَهُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ وَالْأَصْوَاتِ وَالنَّغَمَاتِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ بَعْضَ الزَّنَادِقَةِ
1 / 110