102

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Investigador

عمر بن محمود أبو عمر

Editorial

دار ابن القيم

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Ubicación del editor

الدمام

Géneros

مُنَاظَرَةِ هَذَا الْمُحَاجِّ قَدْ تَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ حَضَرَهُ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَ دَلِيلًا آخَرَ بَيَّنَ وُجُودَ الْخَالِقِ وَبُطْلَانَ مَا ادَّعَاهُ النُّمْرُودُ وَانْقِطَاعَهُ جَهْرَةً ﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ أَيْ: هَذِهِ الشَّمْسُ مُسَخَّرَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ مِنَ الْمَشْرِقِ كَمَا سَخَّرَهَا خَالِقُهَا وَمُسَيِّرُهَا وَقَاهِرُهَا وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَإِنْ كُنْتَ كَمَا زَعَمْتَ أَنَّكَ تُحْيِي وَتُمِيتُ فَأْتِ بِهَذِهِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ بَلْ قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ وَدَانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ فَإِنْ كُنْتَ كَمَا تَزْعُمُ فَافْعَلْ هَذَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَلَسْتَ كَمَا زَعَمْتَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ وَكُلُّ أَحَدٍ أَنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا، بَلْ أَنْتَ أَعْجَزُ وَأَقَلُّ وَأَذَلُّ مِنْ أَنْ تَخْلُقَ بَعُوضَةً أَوْ تَتَصَرَّفَ فِيهَا. فَبَيَّنَ ضَلَالَهُ وَجَهْلَهُ وَكَذِبَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ وَبُطْلَانَ مَا سَلَكَهُ وَتَبَجَّحَ بِهِ عِنْدَ جَهَلَةِ قَوْمِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ كَلَامٌ يُجِيبُ الْخَلِيلَ ﵊ بِهِ بَلِ انْقَطَعَ وَسَكَتَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ . ذِكْرُ مُنَاظَرَةٍ أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ، قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ، قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ، قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٢٣-٢٨] يَذْكُرُ تَعَالَى مَا كَانَ بَيْنَ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ مِنَ الْمُقَاوَلَةِ وَالْمُحَاجَّةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَمَا أَقَامَهُ الْكَلِيمُ عَلَى فِرْعَوْنَ اللَّئِيمِ مِنَ الْحُجَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ ثُمَّ الْحِسِّيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَوْنَ قَبَّحَهُ اللَّهُ أَظْهَرَ جَحْدَ الْخَالِقِ ﵎ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْإِلَهُ ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النَّازِعَاتِ: ٢٣] وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [الْقَصَصِ: ٣٨] وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ مُعَانِدٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْإِلَهُ الْحَقُّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النَّمْلِ: ١٤] وَلِهَذَا قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ

1 / 108