Maajam Al-Shawahid Al-She'riyah - Daman ‘Aathar Al-Mu’allimi
معجم الشواهد الشعرية - ضمن «آثار المعلمي»
Investigador
محمد عزير شمس
Editorial
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٤ هـ
Géneros
معجم الشواهد الشعرية
تأليف
عبد الرحمن بن يحيى المعلمي
تحقيق
محمد عزير شمس
مقدمة 21 / 1
راجع هذا الجزء
محمد أجمل الإصلاحي
مقدمة 21 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا معجم للشواهد الشعرية صنعه العلّامة المعلمي قديمًا في الهند، وجدناه ضمن الدفاتر والأوراق غير المفهرسة في مكتبة الحرم المكي الشريف، وقد عمد المؤلف فيه إلى استخراج الشواهد من مجموعة من الكتب، ورتبها ترتيبًا دقيقًا على القوافي والبحور، واتخذ لذلك منهجًا سار عليه من أوله إلى آخره.
وقد كان الغرض من تأليف مثل هذه الكتب تيسير الاستفادة من كتب شروح الشواهد التي كانت غير مفهرسة ولا مرتبة، فكان يصعب على الباحثين الاهتداء إلى شاهد معيّن وما يتعلق به فيها، ولذا اتجهت هممهم إلى فهرسة هذه المصادر وغيرها والاعتناء بالشواهد الشعرية فيها خاصةً، وكان لهم فيها اتجاهان:
الأول: فهرسة الشعر وغيره في مصدر معين، إما في كتاب مفرد أو ملحقًا بالكتاب المحقق. ومن أهم الفهارس المفردة ما يلي مرتَّبًا حسب ظهوره:
١) فهارس الأغاني (للشعراء والقوافي والأعلام والأمكنة وغيرها)، صنعها المستشرق جويدي، ط. ليدن ١٨٩٥ - ١٩٠٠ م، نقلها إلى العربية محمد مسعود، ط. القاهرة ١٣٢٣/ ١٩٠٥ م.
٢) فهارس كتاب النقائض، صنعها المستشرق بيفان، ط. ليدن ١٩١٢ م.
٣) فريدة العصر في جداول "يتيمة الدهر"، صنعها أبو موسى أحمد الحق
مقدمة 21 / 5
القرشي الأموي العثماني، ونُشرت في كلكتا بالهند سنة ١٩١٥ م.
٤) مفتاح الخزانة (يشتمل على ١٢ فهرسًا لخزانة الأدب)، صنعه أحمد تيمور باشا، لم يُنشر. منه نسخة بخط المؤلف في ٢٤٧ ورقة في دار الكتب المصرية [١٨ نحو تيمور].
٥) إقليد الخزانة (فهرس الكتب الواردة في خزانة الأدب)، لعبد العزيز الميمني، ط. لاهور ١٩٢٧ م.
٦) فهارس العقد الفريد، صنعها الأستاذ محمد شفيع، ط. كلكتا ١٩٣٥ - ١٩٣٧ م، في مجلدين.
٧) فهارس سمط اللآلي (للشعراء والشعر والتراجم والأمثال)، لعبد العزيز الميمني، ط. القاهرة ١٩٣٧ م.
٨) فهارس "لسان العرب" (أسماء الشعراء والقوافي وأنصاف الأبيات)، صنعها الأستاذ عبد القيوم، وطبعت في لاهور سنة ١٩٣٨ م في مجلدين، وسنة ٢٠٠٧ م في أربعة مجلدات.
٩) فهارس المخصّص، صنعها عبد السلام محمد هارون، ط. الكويت ١٩٦٩ م، ط ٢. بيروت ١٩٩١ م.
١٠) فهرس شواهد سيبويه، صنعة أحمد راتب النفاخ، ط. بيروت ١٣٨٩/ ١٩٧٠ م.
١١) فهارس كتاب سيبويه، صنعة محمد عبد الخالق عضيمة، ط. القاهرة ١٣٩٥/ ١٩٧٥ م.
١٢) فهارس تهذيب اللغة، تأليف عبد السلام محمد هارون، ط. القاهرة ١٩٧٦ م.
مقدمة 21 / 6
١٣) فهارس كتاب الأصول لابن السراج، صنعة محمود محمد الطناحي، ط. القاهرة ١٤٠٦/ ١٩٨٦ م.
١٤) فهارس لسان العرب، صنعة خليل أحمد عمايرة، ط. بيروت ١٤٠٧/ ١٩٨٧ م، في ٧ مجلدات.
١٥) فهارس شرح المفصل لابن يعيش، صنعة عاصم بهجة البيطار، ط. دمشق ١٤١١/ ١٩٩٠ م.
١٦) مجمع أشعار "معجم البلدان"، تأليف عمر الأسعد، ط. بيروت ١٤١١/ ١٩٩١ م.
١٧) فهارس "معاني القرآن" للفراء، إعداد فائزة عمر المؤيد، ط. الخبر ١٤١٤/ ١٩٩٣ م.
١٨) الفهارس المفصلة لخصائص ابن جني، صنعة عبد الفتاح السيد سليم، ط. معهد المخطوطات العربية، القاهرة ١٤١٨/ ١٩٩٧ م.
١٩) الفهارس المفصلة للأشباه والنظائر في النحو للسيوطي، صنعة عبد الإله نبهان، ط. معهد المخطوطات العربية، القاهرة ١٤١٩/ ١٩٩٨ م.
أما الفهارس الملحقة بالكتب المحققة فهي كثيرة، وجلُّ ما نُشِر من كتب الأدب واللغة والنحو وغيرها بتحقيق كبار المحققين يحتوي على فهارس متنوعة، فلا داعي لذكرها، فإنها معروفة لدى الباحثين.
الثاني: فهرسة الشواهد الشعرية المتناثرة في مجموعة من المصادر، وجمعها وترتيبها بطريقة معينة في كتاب، ليستفيد منه الباحثون، ويتيسر لهم الوصول إلى بغيتهم في أسرع وقت. وكان العلامة المعلمي رائدًا لهذا الاتجاه، فقد صنع
مقدمة 21 / 7
الفهرس الذي بين أيدينا قبل سبعين عامًا تقريبًا، ولكنه بقي غير منشور مثل غيره من كتبه ورسائله المخطوطة التي ننشرها في هذه الموسوعة، فلم يعرفه الباحثون، ولم يتمكنوا من الاستفادة منه. وصدرت في هذه الفترة عدة فهارس للشواهد صنعها كلٌّ من الأساتذة: فيشر (A.Fischer) وبرونلش (E.Braunlich) في ألمانيا، وعبد السلام محمد هارون في مصر، وحنّا جميل حداد في الأردن، وإميل بديع يعقوب في لبنان. وسيأتي الحديث عنها والمقارنة بينها وبين هذا الفهرس قريبًا إن شاء الله.
وفيما يلي تعريف بهذا المعجم، ومنهج المؤلف فيه، والمقارنة بينه وبين غيره من الفهارس، وعملي في التحقيق، عسى أن يكون مفيدًا للقراء والباحثين عند الرجوع إليه.
* تأريخ تأليفه:
بقي الشيخ في الهند من سنة ١٣٤٥/ ١٩٢٦ إلى ١٣٧١/ ١٩٥٢ م، واشتغل بتحقيق الكتب وتصحيحها ومقابلتها على المخطوطات في دائرة المعارف العثمانية بحيدراباد، وكان من أوائل الكتب التي شارك في تحقيقها: "تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر" لكمال الدين الفارسي (ت ٧٢٠) الذي طبع في مجلدين سنة ١٩٢٨، ١٩٢٩ م. واشتغل بعد ذلك بتحقيق كتب الحديث والرجال والتاريخ، كما شارك في تحقيق بعض كتب الأدب واللغة، مثل "الأمالي الشجرية" لابن الشجري (ت ٥٤٢) الذي طبع سنة ١٣٤٩/ ١٩٣٠ م، و"أمالي اليزيدي" (ت ٣١٠) الذي طبع سنة ١٣٦٧/ ١٩٤٨ م. ولما قدَّم الأستاذ سالم الكرنكوي كتاب "المعاني الكبير" لابن قتيبة (ت ٢٧٦) إلى دائرة المعارف للنشر أُوكِل أمر مراجعته والنظر فيه إلى الشيخ المعلمي، فعكَف على الكتاب مدةً، وزيَّنه بتعليقاته،
مقدمة 21 / 8
وقدَّم له بمقدمة علمية، وقام بفهرسة الشعر والشعراء في آخره، وقد طبع الكتاب سنة ١٣٦٨ - ١٣٦٩/ ١٩٤٩ - ١٩٥٠ م في مجلدين.
ولا يخفى أن مراجعة كتاب مثل "المعاني الكبير" (الذي يحتوي على الشعر الغريب وشرحه) والتعليق عليه يتطلَّب اطلاعًا واسعًا على مظانّ هذا الشعر في كتب اللغة والأدب وشروح الشواهد، ولا يمكن الرجوع إليها والاستفادة منها إلّا بصنع فهرس الشعر المتناثر فيها. وقد كان المعلمي ﵀ أعدَّ لذلك عدَّته من قبل، فصنع لنفسه هذا المعجم، واستفاد منه كثيرًا في مراجعة "أمالي اليزيدي" و"المعاني الكبير" كما يظهر من تعليقاته وإحالاته إلى "خزانة الأدب" وكتاب العيني وغيرهما. وأرجِّح أنه عمل هذا الفهرس خلال السنوات ١٣٥٧ - ١٣٦٤/ ١٩٣٨ - ١٩٤٥ م في فترات مختلفة، وتوقف عن فهرس شواهد "لسان العرب" لما علم بظهور فهارس اللسان للأستاذ عبد القيوم في لاهور سنة ١٩٣٨ م.
ونظير هذا الفهرس فهرس آخر عمله الشيخ لمواد سبعة كتب من المؤتلف والمختلف قبل الإقدام على تحقيق كتاب "الإكمال" لابن ماكولا (ت ٤٨٧) الذي طبع المجلد الأول منه سنة ١٩٦٢ م، ويوجد هذا الفهرس في مكتبة الحرم المكي برقم [٤٩١٧] (٨١ ورقة).
* منهج المؤلف فيه:
أراد المؤلف في هذا المعجم أن يفهرس الشعر الموجود في أهم كتب النحو واللغة وشروح الشواهد، فاختار أولًا ستة كتب، وهي: "خزانة الأدب" لعبد القادر البغدادي (ت ١٠٩٣)، و"المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية" للعيني (ت ٨٥٥)، و"شرح شواهد المغني" للسيوطي (ت ٩١١)، و"أمالي ابن الشجري" (ت ٥٤٢)، و"الأشباه والنظائر" للسيوطي، و"كتاب سيبويه" (ت ١٨٠).
مقدمة 21 / 9
ثم أضاف إليها: "الدرر اللوامع على همع الهوامع" لأحمد بن الأمين الشنقيطي (ت ١٣٣١)، و"مغني اللبيب" لابن هشام (ت ٧٦١)، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي (ت ٦٢٦)، و"لسان العرب" لابن منظور (ت ٧١١). وكان قصده أن يصنع فهرسًا موحَّدًا لجميع ما ورد فيها من الشعر، إلّا أنه لم يستخرج من "الأشباه والنظائر" شيئًا، ولعله لم يفرغ له، ولم يُتِم فهرسة "معجم البلدان" و"لسان العرب"، فقد توقف في "معجم البلدان" عند رسم (بُسيان) وفي "لسان العرب" عند مادة (فيأ). ولعل السبب في انصرافه عن فهرسة "اللسان" ظهور فهرسٍ للشعر والشعراء فيه من صنع الأستاذ عبد القيوم بجامعة بنجاب بلاهور سنة ١٩٣٨ م.
وقد صنع الشيخ هذا الفهرس على مرحلتين، قام في المرحلة الأولى بجرد كلّ مصدر واستخراج ما فيه من القوافي مع ذكر البحر والقائل والمصدر. وفي المرحلة الثانية قام بدمْج جميع القوافي ووضعها في مكانها المناسب، مع ذكر الإحالات إلى جميع المصادر. وقد وصل إلينا دفتران برقم [٤٩١٦ و٤٩١٨] في مكتبة الحرم المكي، نعرف بهما منهجه في المرحلة الأولى. فالأوراق (١ - ٦) من الدفتر الثاني تبيِّن طريقة الشيخ في فهرسة "خزانة الأدب"، فقد ذكر أولًا في رأس كل صفحة حروفَ القافية (ت ث ج) (^١) إلى (ن هـ ي)، ثم في يمين الصفحة يذكر مثلًا (جَ) ثم يترك فراغ أسطر، ثم يذكر (جِ) (جُ) (جْ)، ويذكر أمام كل منها صفحات "الخزانة" بمجلداته الأربعة مع الإشارة إلى المجلد برقم أكبر، فهو بهذه الطريقة قسَّم جميع القوافي الواردة في "الخزانة" مع تقييد الصفحات، ولما أراد نقلها إلى المعجم في المرحلة الثانية سَهُل عليه مراجعة كل قافية ووضعها في مكانها. وقد علَّم الشيخ على أرقام الصفحات في هذا الدفتر بعلامة تُشبه القوس،
_________
(^١) الصفحات الأولى التي كانت تحتوي على قافيتي (أب) ضائعة.
مقدمة 21 / 10
ولعلها إشارةٌ إلى أنها نُقلت إلى مكانها من المعجم.
ويفيدنا الدفتر رقم [٤٩١٦] كيفية استخراج الشيخ أبيات بقية المصادر، ويقع هذا الدفتر في ١٦٣ صفحة، وقد خصص كل صفحة لقافية معينة، وقسَّمها قسمين بوضع خط عمودي في وسطها، يكتب في الجهة اليسرى قوافي "لسان العرب" مع ذكر البحر والقائل والمادة، وفي الجهة اليمنى قوافي كلٍّ من "كتاب سيبويه" و"أمالي ابن الشجري" و"الدرر اللوامع" و"معجم البلدان" لياقوت كذلك بالرموز، ولم أجد فيها الإحالات إلى كتاب العيني، ولعلها كانت في دفتر ثالث. ولم يستخدم الشيخ البطاقات، بل اعتمد في التقييد على الدفتر، لئلا يضيع شيء من الشعر بضياع البطاقات.
وفي المرحلة الثانية عند دَمْج جميع ما استخرج من القوافي اتخذ دفترًا صغيرًا مسطَّرًا، وجعل في كل صفحة منه عشرة جداول أو أعمدة بوضع خطوط فاصلة بينها، وكتب في أول صفحة منه في أعلاها: (^١) ... قافية ... بحر ... شاعر ... الخزانة ... العيني ... شواهد المغني ... أمالي ابن الشجري ... الأشباه والنظائر ... كتاب سيبويه
وقد ذكر كل معلومة وإحالة إلى المصدر بالجزء والصفحة بكل دقة، مع أنه لم يشر إلى عناوين هذه الجداول إلّا في الصفحة الأولى من الدفتر، ولم يكررها في كلّ صفحة. ونادرًا ما يخطئ في ذلك، وقد نبَّهت عليه بالرجوع إلى المصادر.
رتّب المؤلف هذا المعجم على القوافي بعدد الحروف من الألف إلى الياء، وقسَّم كل قافية إلى المقيدة بالسكون ثم المفتوحة ثم المكسورة ثم المضمومة،
_________
(^١) لم يكتب هنا شيئًا، وقد خصّص هذا العمود لذكر حرف الروي.
مقدمة 21 / 11
وألحق بكلّ قسمٍ منها ما وُصِل بالهاء، ففي حرف اللام مثلًا: (لْ، لا، لَه، لَها، لِ، لِه، لِها، لُ، لُه، لُها).
كما قَسَّم قوافي كل حرف على البحور من الطويل إلى المتقارب (^١) ويبيّن إذا كان مجزوءًا أو مشطورًا أو منهوكًا، أو دخله أيّ نوع من الزحاف، فيذكر في بحر الكامل مثلًا: كامل، كامل أحذ مضمر، كامل مجزوء ...، ثمَّ يجعل القوافي من بحر معيَّن في مجموعات حسب نظام القافية: المتواتر، المتدارك، المتكاوس أو المتراكب، المؤسَّسة، المردوفة بألف، المردوفة بواو أو ياء، مثل: (البقْل، يفعل، سُبُل، يحاول، خيال وأمثال، يطول وجميل).
وعند ذكر قافية البيت كثيرًا ما يكتب كلمة أو كلمتين أو أكثر قبلها للتمييز بين القوافي المتشابهة أو لتذكُّر الأبيات المعروفة. ويذكر عدة قوافٍ من قصيدةٍ واحدة للشاعر في موضع واحد، ويجمع بين مصادرها عند الإحالة دون التمييز بينها، وعند الإشارة إلى أبيات المعلقات والقصائد المشهورة يقتصر على ذكر قوافٍ قليلة منها، ويضع بعدها نقطًا (....) للدلالة على كثرة الاستشهاد بأبياتها، ثم يُحصي مواضع ورود جميع هذه الأبيات في المصادر إجمالًا.
وإذا وجد قوافي من قصيدة واحدة في بقية المصادر، أدخلها في المكان المناسب بخط صغير، ووضع خطًّا فاصلًا ممتدًّا من يمين الصفحة إلى يسارها للتمييز بين القوافي ومصادرها، ولئلا تختلط الإحالات إليها والمعلومات المتعلقة بها من ذكر البحر والقائل. وأحيانًا يذكر بعض القوافي في الهوامش إلى
_________
(^١) لا يوجد شيء من البحر المتدارك لعدم وجوده في الشعر القديم، ولذا لم يذكره الخليل، واستدركه الزجاج كما صرَّح بذلك القاضي أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (٤/ ١٦١٠). ووهم من قال: استدركه الأخفش، فقد طبع كتابه وليس فيه ذكر المتدارك.
مقدمة 21 / 12
اليمين، وإذا ضاق المكان كتبها في أسفل الصفحة أو أعلاها. وقد نقلتُ هذه القوافي إلى مكانها المناسب اتباعًا لمنهج المؤلف.
وإذا كان هناك عدة قوافٍ من قصيدة لشاعر، وضع قبل بعض القوافي علامة × للدلالة على أنها من شواهد "كتاب سيبويه" دون غيرها، ولا يضع العلامة عندما تكون القافية أو جميع القوافي من شواهد سيبويه، فلا داعي هناك للتمييز.
وقد يشير إلى نقل قافية من مكان إلى مكان آخر بوضع قوسٍ في أولها، ثم إيصالها بخطّ إلى المكان المطلوب.
ولم يقتصر الشيخ على ذكر الشواهد النحوية فقط، بل قام بفهرسة جميع الأبيات الواردة في المصادر المختارة، ولكنه لم يذكر إلا قافية البيت الأول والأخير من المقطوعة أو القصيدة غالبًا، وقد يذكر غيرهما أيضًا. وأحيانًا يشير إلى مصدرٍ فيه بعض الأبيات من القصيدة، ولا يُثبت قوافيها استغناءً عنها بذكر أبيات منها في كتب شروح الشواهد، وغالبًا ما يفعل ذلك بأبيات "معجم البلدان" و"لسان العرب".
ويبدو أنه بدأ بذكر أبيات "الخزانة" أولًا بالاعتماد على الفهرس الأولي الذي أشرتُ إليه، ثم استعرض كتاب العيني و"شواهد المغني" مع "المغني" (للأبيات التي لا توجد في شرح شواهده) و"أمالي ابن الشجري" و"كتاب سيبويه"، وأضاف في أثناء القوافي المذكورة ما وجد من قوافٍ جديدة، ثم أضاف إليها قوافي أبيات "الدرر اللوامع" و"معجم البلدان" و"اللسان" نقلًا من الدفتر الذي استخرج فيه أبياتها. وقد أشار إلى مواد "اللسان" في الجدول الذي خصَّصه للأشباه والنظائر (الذي لم يستخرج شواهده)، كما أحال إلى "الدرر اللوامع" و"معجم البلدان" في الجدول الذي خصَّصه للعيني، فقد وَسِع للإحالات إلى هذه
مقدمة 21 / 13
المصادر الثلاثة. وإذا كثرت الإحالات إلى مصدر معين، وضاق المكان المخصص للإشارة إليها جميعًا، ذكر بعضها في أسفل الصفحة في التعليق، وقال: "وانظر ... ".
أما الجدول الخاص بذكر الشاعر فقد ذكر فيه اسمه، وإذا كان هناك اختلاف في نسبة البيت إلى أكثر من شاعر صرَّح بذلك. وأحيانًا يضع اسم الشاعر بين القوسين (...)، ويذكر المصدر بجواره أو في التعليق، إشارةً إلى أن بقية المصادر لم تذكر اسم القائل. وفي مواضع كثيرة وضع رقم (٥٠) بين القوسين مكان اسم الشاعر، للدلالة على أنها من الأبيات الخمسين (في "كتاب سيبويه") التي لم يُعرف لها قائل، كما نُقل عن الجرمي: نظرتُ في كتاب سيبويه، فإذا فيه ألف وخمسون بيتًا، فأما الألف فقد عرفتُ أسماء قائليها فأثبتُّها، وأما الخمسون فلم أعرف أسماء قائليها. وقد روي هذا الكلام لأبي عثمان المازني أيضًا (^١).
والواقع أن جملة غير المنسوب في كتاب سيبويه تبلغ ٣٤٢ موضعًا، منها ٤٣ موضعًا سُمِّيت فيها قبيلة الشاعر ولم ينصّ على اسمه، ونسب الأعلم الشنتمري في شرحه لشواهد الكتاب المسمى "تحصيل عين الذهب ... " ٥٧ موضعًا. فما يبقى بعد ذلك غير منسوب ٢٤٢ موضعًا، نسب منها الأستاذ رمضان عبد التواب (^٢) ١٦٧ موضعًا، وسبقه إلى نسبة كثير منها ابن السيرافي في "شرح أبيات سيبويه"، إذ توصَّلَ إلى معرفة الشاعر في ١٢٩ موضعًا، وصحح النسبة عند
_________
(^١) انظر "خزانة الأدب" (١/ ٨) و"المقاصد النحوية" للعيني (٢/ ١٦٢) و"طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي (ص ٧٥).
(^٢) في بحثه "أسطورة الأبيات الخمسين في كتاب سيبويه" المنشور في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد ٤٩: ٢ (١٩٧٤ م) ص ٦١ وما بعدها.
مقدمة 21 / 14
سيبويه في ٣١ موضعًا. ونسب الأستاذ محمد علي سلطاني (محقّق كتاب ابن السيرافي) حوالي ٤٥ موضعًا منها (^١). وخلاصة القول أن غير المنسوب في كتاب سيبويه حتى الآن أكثر من خمسين موضعًا، فلا صحة لما نُسِب للجرمي والمازني بهذا الصدد. والشيخ المعلمي ﵀ جرى على ما كان سائدًا عند شرّاح الشواهد، وتابعهم عليه، وهو معذور في ذلك إن شاء الله. أما الآن فيجب التثبُّت في كل ما يقال إنه من الأبيات الخمسين، ويُحقّق نسبته إلى قائله.
* سبب اختياره مجموعة من الكتب للفهرسة:
كان سبب اختياره للكتب السابقة أنها تحتوي على جميع الشواهد النحوية، وما يتعلق بها من شرح وذكر المناسبة والقصائد والمقطوعات التي منها هذه الشواهد، وإعرابها وبيان وجه الاستشهاد بها، وتحقيق نسبتها إلى قائليها وذكر الخلاف فيها. فهذه الكتب تعتبر موسوعة للشعر العربي القديم ومدخلًا إلى دراسته.
و"كتاب سيبويه" هو الأصل للشواهد النحوية، وفيه أكثر من ألف شاهد شعري، ولم يعتن العلماء بكتاب آخر في النحو مثل اعتنائهم به. ثم كانت عنايتهم بكتاب "الجمل" للزجاجي (ت ٣٤٠) و"الإيضاح" لأبي علي الفارسي (ت ٣٧٧)، و"المفصل" للزمخشري (ت ٥٣٨). ويوجد في "الجمل" ١٦١ شاهدًا، وفي "الإيضاح" ٣٤٠ شاهدًا، وفي "المفصل" ٤٥٣ شاهدًا شعريًّا. وقد ألَّف العلماء كتبًا كثيرة في شرح هذه الكتب الأربعة وشرح شواهدها خاصة، لا أريد الخوض في تفصيلها، لأنه يخرج بنا عن المقصود.
_________
(^١) انظر مقاله في مجلة المجمع، المجلد ٤٩: ٤ ص ٨٨٢.
مقدمة 21 / 15
وفي القرن السابع ألَّف ابن الحاجب (ت ٦٤٦) "الكافية"، ونظم ابن مالك (ت ٦٧٢) "الألفية"، فانصرف الناس إليهما في بلاد الشرق والغرب. وشرح العيني شواهد أربعة شروح من شروح الألفية، لابن الناظم (ت ٦٨٦) وابن أم قاسم (ت ٧٤٩) وابن هشام (ت ٧٦١) وابن عقيل (ت ٧٦٩)، ونسب كلّ بيت إلى من ذكره في كتابه برمزٍ اختاره لكل واحد منهم، وهو: ظ= ابن الناظم، ق= ابن أم قاسم، هـ= ابن هشام، ع= ابن عقيل. وعدد الشواهد في كتاب العيني ١٢٩٤ شاهدًا.
وشرح عبد القادر البغدادي شواهد "شرح الرضي على الكافية" في كتابه "خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب"، وفيه ٩٥٧ شاهدًا. وهو أوسع كتب شروح الشواهد وأهمها، وأكثرها استيعابًا للمباحث المتعلقة بالشعر والشعراء، ومسائل النحو واللغة، وتراجم الشعراء والأدباء، وأخبار العرب وأنسابها، وغيرها من المعارف العامة، لا يستغني عنه باحث في علوم اللغة العربية وآدابها.
وكتابا العيني والبغدادي يستوعبان جميع شواهد "الجمل" و"الإيضاح" و"المفصل"، ولم يَفُتْهما من شواهد سيبويه إلا القليل. ثم لما ألّف ابن هشام "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" تلقّاه العلماء بالقبول وشرحوه، وشرح شواهدَه كلٌّ من السيوطي وعبد القادر البغدادي. وعدد شواهد المغني ١٢٠٣ (مع التكرار) و٩٤٦ شاهدًا بدون تكرار، شرح منها السيوطي ٨٧٩ شاهدًا، وأسقط البقية لأن صاحبها ممن لا يحتج به لتأخر عصره كالمتنبي مثلًا، أو لداعية الاختصار. وكثير من شواهد المغني لم يحظ بالشرح والتحليل عند السيوطي، بل كان سردًا لا يتبعه بشرح أو تعليق. أما البغدادي في "شرح أبيات مغني اللبيب" فلا يكاد يُغفِل بيتًا مما ورد في "المغني"، سواء كان مما يحتج به أو مما أورده ابن هشام للاستئناس.
مقدمة 21 / 16
وآخر كتاب نحوي اهتمَّ العلماء بشرح شواهده هو "همع الهوامع شرح جمع الجوامع" للسيوطي، الذي يحتوي على ١٨٢١ شاهدًا (^١). وقد شرح هذه الشواهد العلامة أحمد بن الأمين الشنقيطي (ت ١٣٣١) في كتابه "الدرر اللوامع على همع الهوامع".
واطلعتُ أخيرًا على كتاب "جامع الشواهد" لمحمد باقر الشريف (من القرن الثالث عشر) الذي طبع لأول مرة في إيران سنة ١٢٧٥. ذكر المؤلف في مقدمته أنه ألّف أولًا كتابه "الشواهد الكبرى" الذي كان يحتوي على شواهد ستين كتابًا في علوم النحو والصرف والبلاغة، مع شرحها وذكر تمام قصائدها وأسماء شعرائها وبيان الشاهد فيها. ثم اختار منه شواهد خمسة عشر كتابًا من الكتب الدراسية المتداولة، وهي: "شرح الأمثلة"، و"شرح التصريف"، و"الشافية"، و"شرح النظام"، وشرحا "العوامل"، و"شرح القطر"، و"شرح الأنموذج"، و"الهداية"، و"الكافية"، و"شرح الجامي"، والسيوطي (لعل المقصود به شرحه على الألفية المسمى "البهجة المرضية")، و"المغني"، و"المختصر" و"المطول" شرحا التفتازاني على "التلخيص". وقد رتب المؤلف هذه الشواهد على أوائل الأبيات دون قوافيها، وأشار في أنصاف الأبيات وأعجازها إلى مراجعتها بعد البيت الفلاني أو في البيت الفلاني، وشرحَ معنى البيت بالفارسية وكذا وجه الاستشهاد به، لأن الغرض من تأليفه إمداد الطلّاب الفرس بشرح الأبيات التي تمرُّ بهم في المقررات الدراسية المتداولة.
يظهر لنا باستعراض الكتب السابقة أن ("الخزانة" والعيني والسيوطي و"الدرر اللوامع") قد استوعبت جميع الشواهد النحوية تقريبًا، ولذا وقع اختيار المعلمي
_________
(^١) ذكر الشنقيطي في خاتمة "الدرر اللوامع" أن الكتاب يحتوي على ألف وخمسمئة شاهد ونيف غير المكررات. وهو عدد غير دقيق.
مقدمة 21 / 17
عليها، وأضاف إليها "كتاب سيبويه" و"أمالي ابن الشجري"، لأن "الكتاب" هو الأصل، وينفرد بشواهد عديدة، وفي "الأمالي" أبيات مشكلة للمتنبي وغيره شرحها المؤلف وتكلم عليها، وأفاض في ذكر المسائل المتعلقة بها، وجمع أقوال كثير من النحاة واللغويين والأدباء، وقد أملاها في ٨٤ مجلسًا (^١).
وراجع المؤلف "المغني" واستخرج منه الأبيات التي لم يشرحها السيوطي، كما بدأ بفهرسة أشعار "معجم البلدان" و"لسان العرب" ولكنه لم يتمها. ولو تمَّ لكان مغنيًا عن غيره من الفهارس. وهو في الوضع الراهن يرشد الباحثين إلى مظان الشعر والكلام عليه في كتب شروح الشواهد والمصادر الأخرى المهمة.
* المقارنة بينه وبين غيره من فهارس الشواهد:
صدرت عدة فهارس للشواهد بعدما صنع المعلمي هذا المعجم، وفيما يلي تعريف موجز بها وبمناهجها، وكلام إجمالي على قيمتها وأهميتها، ومقارنة بينها للتوصل إلى معرفة وجوه الخلل والقصور في بعضها، من حيث استيعابها للشواهد وترتيبها ونسبتها إلى أصحابها وعزوها إلى المصادر.
١) وأول هذه الفهارس ظهورًا فهرس الشواهد (Schawahid Indices) الذي طُبع في ألمانيا سنة ١٩٤٥ م، وصنعه المستشرقان فيشر وبرونلش. كان قصدهما جمع الشواهد المتفرقة في كتب شروح الشواهد وبعض كتب اللغة والنحو، ومنهجهما فيه أن يذكرا القافية أولًا، ثم البحر (بحرفٍ من الحروف الإفرنجية)، ثم
_________
(^١) تضم طبعة حيدراباد ٧٨ مجلسًا فقط، ونشر حاتم صالح الضامن "ما لم ينشر من الأمالي الشجرية" في مجلة المورد مج ٣ ع ١ - ٢ (١٩٧٤)، ثم في بيروت سنة ١٤٠٥/ ١٩٨٥ م، وحقق محمود محمد الطناحي الكتاب بتمامه من جديد، ونشره في القاهرة سنة ١٤١٣/ ١٩٩٢ م في ثلاثة مجلدات مع الفهارس اللازمة.
مقدمة 21 / 18
الشاعر مع الإشارة إلى اختلاف النسبة، ثم المصادر. وقد قسَّما القوافي على الحروف، وكل حرفٍ على القوافي المضمومة فالمكسورة فالمفتوحة فالساكنة، ولكنهما لم يراعيا ترتيب القوافي على البحور، بل رتّباها على أوائل كلمات القوافي.
وهذه بعض النماذج منه بعد تعريبها:
- أدبا، بسيط، سهم بن حنظلة الغنوي: الخزانة ٤/ ١٢٣ (١٥ بيتًا)، لين ٥٧٠، هوويل ج ٢ - ٣/ ٢٣٠
- (لقد) أصابا، وافر، جرير [ديوانه ١/ ٣٠، ١٦]: سيبويه ٢/ ٣٢٦، ٣٢٧، الشنتمري ٢/ ٢٩٨، ٢٩٩، المفصل للزمخشري رقم ٦٠٨، شرح ابن يعيش ١/ ٢٩، ٧٦، ٤٨٥، ٥٩٥، ٦٠٩، ١٢٨٠، العيني ١/ ٩١ (٩ أبيات)، شرح شواهد المغني ٢٥٨، الخزانة ١/ ٣٤ (٦ أبيات)، ١٦٤، ٤/ ٥٥٤، جامع الشواهد ٢٥ (٢٤)، ٤٦ (٤٥)، شرح شواهد الكشاف ٣٦، الشنقيطي ٢/ ١٠٣، ٢١٤، ٢٣٦، الجرجاوي ٢، قطّة ٣، الآقشهري ٤٦، هوويل ج ٢ - ٣/ ٧٠١، ٤/ ٨٥١
لم يقتصر المؤلفان على كتب شواهد النحو المعروفة، بل رجعا أيضًا إلى "شرح شواهد الكشاف" (لمحب الدين أفندي)، و"الاقتضاب" (لابن السيد البطليوسي)، و"معاهد التنصيص" (للعباسي) و"شرح المضنون به على غير أهله" (لابن عبد الكافي). كما اعتمدا أيضًا على بعض كتب الشواهد المتأخرة، مثل "جامع الشواهد" (لمحمد باقر الشريف)، و"شرح أبيات الكافية والجامي" (للآقشهري)، و"شرح شواهد ابن عقيل" (للجرجاوي)، وشرح شواهده (لقطة العدوي)، و"شرح شواهد شذور الذهب" (للفيومي) وغيرها. بل قد توسعا
مقدمة 21 / 19
في ذلك، فاستخرجا الأبيات الموجودة في معجم لين الذي سماه "مدّ القاموس" (An Arabic- English Lexicon)، وكتاب هوويل في قواعد اللغة العربية (A Grammar of the Classical Arabic Language). وهما من الكتب المتداولة عند المستشرقين، والأول يحتوي على كثير من شواهد "لسان العرب" و"تاج العروس"، والثاني يحتوي على كثير من شواهد كتب النحو.
وكان الأولى الاعتماد على "اللسان" وغيره من المعاجم العربية وبعض كتب النحو القديمة، بدلًا من كتابي لين وهوويل، ولكن المؤلفينِ اعتمدا عليهما، جريًا على عادة المستشرقين في الإحالة إلى دراساتهم وطبعاتهم للكتب، وإن كانت نادرة الوجود ورديئة أو ناقصةً، فهما على سبيل المثال اعتمدا طبعة باريس من كتاب سيبويه دون طبعة بولاق التي هي أصحّ منها وأدقّ، ولكن اضطرَّا إليها للإحالة إلى الشنتمري، فكتابه في شرح شواهد سيبويه لا يوجد إلا بهامش طبعة بولاق!
وقد كان ينبغي الاقتصار على كتب الشواهد الأصيلة دون الكتب التي أُلِّفت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، فليس فيها أيّ إضافة إلى الكتب السابقة. ولكنهما أكثرا من الاعتماد على هذه الكتب المتأخرة لأنها من كتب شروح الشواهد!
ومهما يكن من أمر فقد قام المستشرقان بصنع هذا الفهرس، وعلَّقا عليه تعليقاتٍ مفيدة (ص ٢٩٥ - ٣١٣)، وحقّقا نسبة الأبيات واختلاف رواياتها، وأحالا إلى الدواوين والمجاميع الأدبية. ومما يميِّز هذا الفهرس أنه أشار إلى عدد الأبيات الموجودة في كل مصدر، وأحال إلى عدة طبعات إذا كان للمصدر طبعات متعددة، ونبَّه على أوهام وأخطاء. وقد عمل المؤلفان فهرسًا للشعراء الذين ورد ذكرهم في فهرس القوافي (ص ٣٢١ - ٣٤٩)، وهو فهرس مفيد لمن يريد معرفة شعر شاعر معين.
مقدمة 21 / 20
وقد صدر هذا الفهرس سنة ١٩٤٥ م، ومع ذلك لم يعرفه العرب وعلماء المشرق، ولم يجد التقدير اللائق به عند المتخصصين في الغرب، كما قال سزكين في تاريخ التراث العربي (٢: ١/ ١١). وأعيد طبعه في ألمانيا سنة ١٩٨٢ م (^١).
٢) ثم ألّف الأستاذ عبد السلام محمد هارون "معجم شواهد العربية" الذي طبع في القاهرة ١٣٩٣/ ١٩٧٣ م في جزئين (^٢). ومنهجه فيه يُشبه منهج المعلمي في معجمه من حيث ترتيب القوافي، إلّا أنه جعل المعجم في قسمين: الأشعار والأرجاز، ورتّب أسماء الشعراء على الحروف في كل نوع من أنواع القافية.
ومما يلاحظ عليه أنه فاته أبيات كثيرة حتى من كتاب سيبويه، ولم ينسب كثيرًا من الأبيات المنسوبة عند ابن السيرافي، ولم يستقص ذكر جميع المواضع في المصادر التي فهرسها. وعنده أخطاء كثيرة في الإحالات لا تكاد تخلو منها صفحة، وربما تتعدد الأخطاء في صفحة واحدة. وقد زاد حجم الفهرس عنده فبلغ أكثر من ستمئة صفحة بسبب تخريجه لكل بيت بيت من القصائد المشهورة (مثل المعلقات وغيرها). أما المعلمي فقد اقتصر على ذكر أبيات قليلة منها ووضع بعدها نقطًا للدلالة على كثرة الاستشهاد بأبياتها، وذكر مواضع ورود جميع الأبيات في المصادر إجمالًا. فالمقصود من التخريج: الإشارة إلى القصيدة أو المقطوعة التي منها البيت أو الأبيات ليُعرف موقعه أو موقعها منها، لا الإشارة في كل بيت بيت إلى أماكن وروده في المصادر، فهذا لا داعي له، ولا فائدة منه إلّا
_________
(^١) أشكر صديقي الأخ نبيل نصّار لسعيه في الحصول على جزء من الكتاب بالألمانية ونماذج من الفهرس. وهذا الوصف مأخوذ مما وصلني بواسطته، فجزاه الله خيرًا.
(^٢) صدرت له طبعة ثانية في القاهرة، زاد فيها بعض المصادر التي قام بفهرستها فبلغت ٤١ مصدرًا.
مقدمة 21 / 21
تكثير المصادر، فإن الأبيات المشهورة مثل أبيات المعلقات والحماسة وديوان المتنبي وغيرها توجد في أغلب كتب اللغة والأدب، ومعاجم البلدان، وكتب التاريخ والأنساب وغيرها. ولذا فمنهج الأستاذ عبد السلام هارون في معجمه، والأستاذ رمضان عبد التواب في تحقيقاته بعيد عن المنهج العلمي السليم الذي مشى عليه كبار المحققين أمثال الميمني وغيره.
وقد اختار الأستاذ هارون للفهرسة ثلاثين كتابًا من كتب النحو والصرف وفقه اللغة والبلاغة والعروض، وسمَّى كتابه "معجم شواهد العربية". فهو أوسع من معجم المعلمي الذي اقتصر على فهرسة تسعة كتب فقط من كتب النحو وشواهده واللغة والبلدان، ولكن (أي المعلمي) فهرسَ جميع الأبيات المذكورة في "الخزانة" والعيني وشواهد المغني، على عكس عبد السلام هارون الذي اقتصر على فهرسة الشواهد النحوية منها فقط، فزادت الأبيات عند المعلمي زيادة بيِّنة، واحتوت على مئات الأبيات التي وردت فيها عرضًا، ولا يستغني عنها الباحثون في دراساتهم.
ثم إن اختيار المعلمي للمصادر المهمة كان بناءً على قيمتها العلمية وأصالتها وثقة العلماء واعتمادهم عليها في دراسة الشعر والنحو، وهكذا ينبغي لكل من يقوم بفهرسة الشعر والشواهد أن يقتصر على أمهات الكتب في النحو واللغة، والتي عليها الاعتماد في الاستشهاد، دون التوسع في ذكر الكتب والحواشي التي لم يكثر تداولُها والاعتماد عليها في الدراسة إلّا عند المتأخرين، فهذه ينبغي صرف النظر عنها، فإن وجود الشواهد فيها لا يزيد في أهميتها وقيمتها، وجُلُّها أو كلّها موجود في الكتب السابقة. فاستخراج الشواهد من "شذور الذهب" و"التصريح" لخالد الأزهري، و"شرح الأشموني" و"حاشية الصبان"، و"حاشية
مقدمة 21 / 22