غير أنا في سيرنا غير واحد
فلنسر، فلنسر، وإما هلكنا
قبل إدراكنا المنى والمواعد
فكفانا إنا ابتدأنا وإنا
إن عجزنا فقد بدأنا نشاهد
عبد المسيح حداد
(1) الله يسعده ويبعده
لم يكن من يستطيع من يفهم أصل الخلاف بين إبراهيم الصالح وأخيه فريد، وقد بدأ الخلاف بينهما في أول أسبوع وصل فيه الصغير إلى هذه البلاد. وبعد أن كان إبراهيم يستعد لاستئجار منزل خصوصي، يشتري له أثاثا جميلا، ليعيش مع أخيه فريد كعائلة صغيرة، لبث في غرفته المفروشة وطرد أخاه من عنده، فاضطر المسكين، وهو دون السابعة عشرة إلى أن يستأجر غرفة له زرية جدا، وأن يعمل كأجير في محل تجاري ليعيش مستقلا.
حكى لي فريد الصغير عن خلافه مع أخيه، فقال إنه لا يعلم لماذا كرهه أخوه، ولم يأثم أمامه، ولا أخل باعتباره كأخيه الأكبر، وولي نعمته، ولكنه لسبب بسيط جدا، ارتأى إبراهيم أن يفترقا، وأن يعيش كل منهما لنفسه. ومذ منعت اجتماعاتهما معا، إلا إذا كانا وحدهما، وإذ ذاك يستعمل إبراهيم سلطته على أخيه، فيأمره أمرا، وينفض طرف سترته بأصابعه علامة أنه هكذا يريده أن يعمل، وإذا أبى فلا يكون مسئولا.
إن خلاف الأخوين على هذه الصورة أمر غريب جدا، فليس بينهما من خطأ ارتكبه أحدهما ضد الآخر، ولا بينهما ما لا يمحى. على أن الاثنين ناجحان بأشغالهما. وإبراهيم رجل يبلغ الخامسة والثلاثين، وقد صار له نحو عشرين سنة يعمل في أميركا، ولما أنهى فريد المدرسة الابتدائية، استقدمه إليه، على أمل أن يفتحا محلا تجاريا، يكون فيه رئيسا، وأخوه مديرا، إلا أن الأمور انتهت بالجفاء بين الاثنين في أول أسبوع لوصول فريد إلى أميركا.
Página desconocida