La Era Pre-Islámica
عصر ما قبل الإسلام
Géneros
ويعرف في المراجع البيزنطية باسم «المنداروس» ذكر الدكتور حسن إبراهيم في كتابه «تاريخ الإسلام السياسي» نقلا عن أمراء غسان للأستاذ نلدكه: أنه في عهد المنذر بن الحارث بن جبلة، وقع شيء من الجفاء بين غسان والروم انقطع على أثره وصول المدد ثلاث سنوات، فانتهز عرب الحيرة هذه الفرصة وأغاروا على سوريا، فاضطر الروم إلى استرضاء الأمير الجفني، وعقدت محالفة بين إمبراطور الروم وملك الغساسنة، ثم ارتاب فيه الإمبراطور ونفاه إلى القسطنطينية ثم إلى صقلية، ولكن المنذر لم يلبث طويلا في منفاه؛ فقد سخط على الإمبراطور أبناء المنذر الأربعة، وشقوا عصا الطاعة على دولة الروم، ثم أوغلوا تحت قيادة أخيهم الأكبر النعمان في الصحراء، وأخذوا يشنون الغارات على أراضي الدولة، غير أن القائد البيزنطي تمكن من القبض على النعمان وأخذه أسيرا إلى القسطنطينية سنة 583م، وقد تفرقت كلمة العرب في سوريا بعد أن حمل المنذر أسيرا إلى عاصمة الروم، وفككت عرى وحدتهم، فاختارت كل قبيلة منهم أميرا لها، وكان من أثر ذلك أن التحق بعضهم بالفرس، ولما كثر التنازع والتطاحن بين القبائل العربية بعد فقد أميرها، أقام الروم مكان المنذر عاملا.
وتستطيع أن تستنتج مما ذكره نلدكه أن رواية واحدة كانت تمثل على مسرحين: أحدهما في دمشق والآخر في الحيرة، فليس عزل النعمان الثالث وتعيين إياس بن قبيصة الطائي بدله على عرش الحيرة بمختلف عن أسر المنذر بن الحارث، وتعيين عامل جديد بدله، وإن اختلف ممثلو الرواية في كل حالة.
جبلة بن الأيهم
كان غزو الفرس للروم والاستيلاء على دمشق وأورشليم «613-614» هو الضربة القاضية على نفوذ الغساسنة.
وقد حدث سنة 629م لما استرد هرقل بلاد الشام من الروم، أن ظهر أحد الغسانيين وهو جبلة بن الأيهم، وهو آخر ملوك الغساسنة، وقد أتى الإسلام على ملكه بعد سقوط الشام في أيدى المسلمين.
وقد انضم إلى جانب الروم في أثناء الفتح الإسلامي للشام ولكنه أسلم على أثر انتصار العرب في معركة اليرموك سنة 636م في عهد الخليفة عمر، «واستشرف أهل المدينة لمقدمه حتى تطاول النساء من خدورهن لرؤيته لكرم وفادته، وأحسن عمر منزلته وأجله بأرفع رتب المهاجرين. ثم - على حد تعبير ابن خلدون - غلب عليه الشقاء، ولطم رجلا من بني فزارة وطئ فضل إزاره وهو يسحبه في الأرض، ونابذه إلى عمر في القصاص فأخذته العزة بالإثم، فقال له عمر: لا بد أن أقيد منك، فهرب إلى قيصر، ولم يزل بالقسطنطينية حتى مات سنة 20ه.» وتذكر المراجع أنه ندم على فراره وارتمائه في أحضان بيزنطة، وينسبون إليه في ذلك شعرا قاله.
والآن وقد أتينا على تاريخ آخر الغساسنة يجمل بنا أن نشير إشارة خفيفة إلى حضارتهم.
حضارة الغساسنة
لا شك في أن درجة الثقافة التي وصل إليها الغساسنة جيران البيزنطيين كانت أعلى مما استطاع منافسوهم عرب الحيرة الوصول إليه، وكانت دولتهم تمتد في الطرف الشمالي الغربي من بلاد العرب، إلى الشرق من نهر الأردن، ابتداء من المنطقة الواقعة على مقربة من بطرة في الجنوب، إلى ما يجاور الرصافة في الشمال الشرقي.
ويبدو أنه في عهد حكم الغساسنة، وأثناء الحكم الروماني السابق له، قد نمت حضارة عربية، وتطورت على طوال الحدود الشرقية لسوريا، وكانت مزيجا من العناصر العربية والشامية واليونانية، وكان من مظاهر ذلك ما يشيدونه من المدن والقرى والقصور والقلاع، التي كانت تعرف بالمسالح، والتي كانت تكون خط دفاع في أطراف حوران، يفصل بينها وبين البادية، ومن أشهر القصور التي بنوها القصر الأبيض والقلعة الزرقاء وقصر المشتى ، وكذلك شيدوا عدة أقواس نصر، وحمامات عامة، وقناطر للمياه، ومسارح وكنائس، حتى لقد كانت السفوح الشرقية والجنوبية لحوران عامرة بما يقرب من ثلاثمائة مدينة وقرية لا نجد قائما في أيامنا هذه منها إلا بضع خرائب وأنقاض.
Página desconocida