La Era Pre-Islámica
عصر ما قبل الإسلام
Géneros
ثم انتهت هذه الحروب بمعركة قامت في مقاطعة قنسرين، هي المعروفة باسم يوم حليمة، وهي التي تمكن فيها الحارث - بحيلة من حيله - من القضاء على خصمه المنذر، ويوم حليمة هذا هو الذي يضرب به المثل، فيقال: «وما يوم حليمة بسر»، وحليمة هي ابنة الحارث التي قيل إنها عطرت بيدها قبل المعركة مائة بطل من الغساسنة. (5)
ونختم الكلام عن المنذر بحكاية مشهورة في كتب الأدب، ولكنا لا نعلم مدى صحتها من الناحية التاريخية ونقصد بها قصة الغريين ويوم البؤس ويوم النعيم ونحن نلخصها فيما يلي:
كان للمنذر نديمان، أحدهما يسمى خالد بن المضلل، والآخر عمر بن مسعود، فحدث - وهم على الشراب - أن أغضباه، فأمر بهما فدفنا حيين، وفي صبيحة اليوم التالي افتقدهما، وتذكر الخبر فندم أشد الندم، وأمر ببناء صومعتين عليهما، وجعل لهما يوم نعيم ويوم بؤس، فكان لا يطلع عليه في يوم بؤسه أحد إلا أمر بذبحه، وبأن يطلي بدمه الغريان، أما أول من يطلع عليه في يوم نعيمه فإنه يعطيه مائة من الإبل، ولقد ذهب ضحية يوم البؤس كثير من الناس من بينهم عبيد بن الأبرص الشاعر، وذات يوم طلع عليه في يوم بؤسه حنظلة الطائي، وكان له على المنذر فضل، لم ينفع هذا الفضل حنظلة إلا في إرجاء التنفيذ إلى عام بضمانة واحد من حاشية المنذر يسمى شريك بن عمرو، ولما حان الموعد ولم يظهر حنظلة كان المنذر على وشك أن يقتل كفيله شريكا، ولكن ظهر فجأة شبح من بعد، فلما وصل عرف أنه حنظلة، فأعجب المنذر بوفاء حنظلة وتضحية شريك، فقال: لا أكون ألأم الثلاثة، وأغدق عليهما، وأبطل من يومه هذه العادة السيئة. (8) عمرو بن هند 554-569م
هو ابن المنذر الثالث، وأمه هند بنت الحارث الكندي وهي عمة امرئ القيس الشاعر، وكان يعاصر كسرى أنو شروان، وقد أصبحت الحيرة في عصره مركزا هاما للأدب، يزور بلاطه فيها الشعراء المشهورون مثل طرفة وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة، وكان رجلا ظالما تهابه العرب، شديد الزهو والكبرياء، يدلك على ذلك الحكاية التالية، التي تذكرها كتب الأدب، والتي كانت - فيما يقولون - سببا في قتله:
قال عمرو بن هند يوما لجلسائه، هل تعلمون أن أحدا من العرب تأنف أمه من أن تخدم أمي؟ قالوا: ما نعرفه إلا أن يكون عمرو بن كلثوم التغلبي، فإن أمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة وعمها كليب بن وائل وزوجها كلثوم وابنها عمرو، فسكت مضرط الحجارة «وهو لقب عمرو بن هند» على ما في نفسه، وبعث إلى ابن كلثوم يستزيره، ويأمره أن تزور أمه أمه، فقدم ابن كلثوم في فرسان من تغلب ومعه أمه ليلى، فنزل على شاطئ الفرات، وبلغ عمرو بن هند قدومه، فأمر بسرادق فضرب بين الحيرة والفرات، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته، وصنع لهم طعاما، وجلس عمرو بن كلثوم وخواص أصحابه في السرادق، وجلست هند هي وليلى أم عمرو بن كلثوم في قبة، وكان عمرو بن هند قد قال لأمه: إذا فرغ الناس من الطعام ولم تبق إلا الطرف نحي خدمك عنك فإذا دنت الطرف استخدمي ليلى، ففعلت، ولما فرغ الناس من الطعام قالت: يا ليلى ناوليني ذلك الطبق، فقالت: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فألحت عليها، فصاحت ليلى: وا ذلاه، يا لتغلب، فسمعها ولدها ابن كلثوم، فثار الدم في رأسه، ونهض إلى سيف ابن هند وهو معلق في السرادق ولم يكن هناك غيره، فأخذه وضرب به عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا جميع ما في السرادق، واستاقوا النجائب وسبوا النساء وانصرفوا.
هذه حكايته مع عمرو بن كلثوم، وهي حكاية يتعذر على الإنسان أن يؤمن بها على علاتها.
هذا؛ ويقال إنه صاحب يوم أوارة الثاني، وخلاصته أن جماعة من زرارة قتلوا ابنا أو أخا له، فأقسم ليقتلن منهم مائة، فسار يطلبهم حتى بلغ أوارة، فتفرقوا، فبث سراياه فيهم، فأتوه بتسعة وتسعين رجلا وتعذر عليه إتمام المائة، فلما كان آخر النهار أقبل رجل من البراجمة - وهم قوم من تميم - يقال له عمار كان قد شم رائحة الدخان «وكان عمرو قد ألقى بالقتلى في النار» فظن أن هناك مأدبة، فأسرع حتى أناخ إلى عمرو، فسأل عمرو: ممن الرجل؟ فقال: من البراجمة. فقال: «إن الشقي وافد البراجم» فذهبت مثلا، ثم أمر بالرجل فألقي بالنار، فصار ذلك عارا لبني تميم. قال الشاعر:
إذا ما مات ميت من تميم
وسرك أن يعيش فجئ بزاد
بخبز أو بلحم أو بتمر
Página desconocida