¿Qué es el cine?

Ziyad Ibrahim d. 1450 AH
62

¿Qué es el cine?

ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان

Géneros

29

أدرك تروفو الذي كان لا يستسيغ الوثائقيات، أن انجذاب بازان إلى «الموضوعات» العصية على التصوير يمكن أن يسري على الأفلام الروائية كذلك، وأن صناع الأفلام يمكن أن يخضعوا لما هو أمامهم بدلا من «إخراجه». في فيلم «سترومبولي» (1950)، تحدق كاميرا روسيليني غير فاهمة في جبل ورواسبه البركانية، مثلما تفعل إنجريد برجمان إذ تسقط على ركبتيها عاجزة على قمة البركان. هذه الروح الواقعية الجديدة تجلب أحيانا الخلفية في وسط المسرح ليطغى وجودها على الشخصيات (كما حدث في نهاية فيلم «الكسوف»، «ليكليس»؛ أنطونيوني، 1962). على الرغم من ذلك، وفي أغلب الأحوال، يصبح البشر (لا مجرد الشخصيات المكتوبة) الذين يملئون أفلامهم الروائية، هم «موضوعات» صانع الفيلم الواقعي الجديد. بانسحابه من دور «المخرج»، يستكشف روسيليني ملامح وجه البطلة ومشيتها وصوتها وإيماءاتها (إنجريد برجمان، وآنا مانياني)، أو ممثلا غير محترف اختاره من السكان المحليين. وسواء أكان البشر متحجرين أم طيعين، فهم لا يحتاجون حينما يظهرون على الشاشة، أن يكونوا وكلاء لخيال كاتب النص السينمائي أو المخرج. في نعي بازان الجميل لهمفري بوجارت، عزا إلى الشخص المكون من لحم ودم النجاح في كثير من الأفلام التي مثل فيها. ورغم أنه لا يمكن إنكار أن المخرجين الذين صوروا وجهه وصوته وتصرفاته، استفادوا منه استفادة إبداعية في الحكايات المتخيلة التي اختلقوها، فإن بوجارت يفتننا (وفتن أكثر أولئك السينمائيين حساسية) على نحو يتعدى أدواره.

30

شارك جودار بازان حساسيته للشد والجذب بين الروائي والوثائقي. إذا كان فيلم «السادة المجانين» يوثق طقسا تسيطر فيه الأدوار على الرجال، فإن إنجاز روش التالي، «أنا الزنجي» (موا آن نوار)، يذهب لما هو أبعد من هذا. في هذا الفيلم، المفضل لجودار من إنتاج عام 1958 (الذي منع الموت بازان من مشاهدته)، سلم «المخرج» السيطرة التأليفية إلى من يبدون أنهم هم «موضوعات» الفيلم. هؤلاء الشباب العاطلون عن العمل في أحياء أبيدجان الفقيرة يختارون أسماء نجوم (إيدي كونستانتين ودوروثي لامور)، ويحكون قصصهم. يتبعهم روش أكثر مما يوجههم، بينما يجمع ما يمكن أن يستأهل أن يطلق عليه فيلمه.

تدحض هذه الأمثلة فكرة الإخراج الأصيل، وكان بازان مستعدا لتوسيع نطاق هذا التناقض.

31

أكيد أن كتابه عن ويلز، فضلا عن مقالاته عن تشابلن وبونويل ورينوار، أثار تابعيه للإعلان عن بدء عصر جديد يتساوى فيه صناع الأفلام بالفعل مع الروائيين. لكن بازان لام هؤلاء التابعين صراحة بسبب إهمالهم أو تشويههم كثيرا من القوى التي تنتج فيلما أو تؤثر فيه، بعضها يمكن إدراجه في شارات البداية والنهاية (الكتاب والممثلين والمصورين السينمائيين)؛ وبعضها يبقى محددات تاريخية ضمنية (الرقابة والعوامل الاقتصادية والأعراف الاجتماعية، وغير ذلك). ربما يكون الشعراء، والروائيون، والرسامون مسئولين بقدر كبير عما يظهر في أعمالهم المكتملة، لكن المخرج لا يمتلك مثل هذه السيطرة على فيلم لا مفر من أن يقدم نمط إنتاجه الصناعي خللا في النظام. كان بازان دائما متيقظا للعوامل غير المقصودة وغير الواعية. وأشاد بالأفلام التي يختفي فيها المخرج؛ ففي نهاية المطاف، كان بازان مبهورا في أكثر المستويات أساسية بالصورة الفوتوغرافية «في صنع ما لا يلعب الإنسان فيه دورا.» وكانت هذه هي وجهة النظر التي كان مستعدا لتبنيها حتى حينما كان الموضوع رواية.

ولذا دعم بازان مقال تروفو الشهير بالتأكيد، لكن ليس بسبب أنه يجعل صناع الأفلام حكاما لعوالم خيالية. إنما وافق على الأسلوب الذي يطالب به مقال تروفو بأن تتناول السينما الروايات القوية بعناية. يجب على صناع الأفلام استكشاف الروايات كما لو كانت أرضا خيالية؛ صلبة وكثيفة مثل النيجر في عمل روش، ونابولي في عمل روسيليني. يجب على أي اقتباس واع أن يبحث عن وسائل جديدة لإبراز الجوانب المميزة في الكتاب الذي وقع الاختيار عليه؛ ففي النهاية، يكون أي كتاب مثيرا للاهتمام فقط بسبب «تميزه». انسوا السينما، وانسوا المخرج الأصيل. فيما يتعلق بالاقتباس، كانت الرواية التي اهتم بها بازان هي الرواية التي تمثل نوعا من الزمان الجامد المعقد الذي يجذب السينما الحديثة؛ الرواية التي تمثل موضوعا لن تقدر السينما أبدا على تجسيده تماما رغم أنها ستحاول هذا أثناء نضوجها.

بالمقابل، تشمل السينما هيتشكوك، سيد التحكم في الأفلام، وأحد معبودي تروفو.

الشارة والمخرجون الأصلاء: بيئة للاقتباس

Página desconocida