¿Qué es el cine?
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
Géneros
وفقا لرأي ريكور، الإسقاط هو تفصيل لموضوع النص، بجانب أنه «تطبيق» لدلالته المدركة للعالم الذي نعيش فيه. في السينما، يحدث هذا الإسقاط المزدوج على موقع الشاشة؛ لأنه في هذه الحالة يصبح الإسقاطان موضوع تركيز واندماج: أحدهما يصفيه المخرج، والآخر يملؤه المشاهد. السينما هي «إسقاط» يحدث داخل عتبة الشاشة.
اسمحوا لي أن أنتقل من العتبة التي يمكن أن يصبح عليها أي فيلم إلى العتبة التي تكونها السينما نفسها بوصفها مكانا ينظر للوراء إلى القرن التاسع عشر، وللأمام إلى القرن الواحد والعشرين، بوضع قدم في كل جانب. ودعوني أسترجع للمرة الأخيرة مسلمة «كاييه» التي تقول «السينما مرتبطة بالواقع، ولا علاقة للواقع بالتمثيل، وهذا أمر نهائي.» أدرك سيرج داني أن «إسقاط» السينما مرهون بالكتابة ومكتمل بها. في المقابلة التي تفتتح أعماله المجمعة، يقول مباشرة: «الأمر بسيط تماما - أي السينما التي أحبتها «كاييه» - منذ البداية، هي «سينما مسكونة بالكتابة». هذا هو المفتاح الذي يجعل من الممكن فهم الأذواق والاختيارات المتتابعة ... دائما ما كان أفضل صناع الأفلام الفرنسيين - في الوقت نفسه - كتابا (رينوار وكوكتو وبانيول وجيتري وإيبستين.)» يذهب محرر المجلة الحالي، إيمانويل بوردو، أبعد من هذا بقوله إن أنصار بازان الذين أصبحوا صناع أفلام مشاهير - رومير وجودار (ولعله أضاف تروفو) - كانوا مشروعات كتاب مهووسين بالأدب. بوردو متيقن أن علاقة السينما بالكتابة تحدد نهج «كاييه» حتى أكثر من إخلاصها لفكرة «تصميم المشهد».
30
مات بازان بعد أن لمح المواجهة الجذرية للسينما مع الكتابة التي تطورت بواسطة مجموعة «جماعة الضفة اليسرى» التي كان في القلب منها صديقاه كريس ماركر وآلان رينيه. كان قد حجز بالفعل مكانا مميزا في السينما الحديثة لمن كان سعيدا بتسمية أفلامهم «مقالات» («كل ذاكرة العالم»، و«ليل وضباب») تمزج سردا أدبيا راقيا خارج الشاشة بحركات كاميرا مثيرة للتفكير. انتقل كريس ماركر بسلاسة من مقالاته في مجلة «إسبري» و«التعليقات» على الأحداث التي كانت تنشرها دار «إديسيون دو سوي» وكانت تمزج بين النص والصور إلى صناعة فيلم مثل «رسالة من سيبيريا» («لتر دو سيبري»؛ ماركر، 1957)، الذي كتب بازان مراجعة عنه تشيد به قبل أسبوعين من وفاته. أما رينيه، فقد غير وجه السينما بعد موت بازان بشهور فقط بفيلم «هيروشيما حبي» ثم مرة أخرى بفيلم «العام الماضي في مارينباد»؛ حيث يمزج الفيلمان بين الكتابة وصناعة الأفلام فيما يمكن أن يسمى فقط مغامرة نظرية في «الكتابة» المتوسعة. وسرعان ما أمسك كل من مارجريت دوراس وآلان روب-جرييه - اللذين قدما النصوص في هذين الفيلمين - بالكاميرا بنفسيهما، وشرعا في إخراج الأفلام. وقد دعمتهما هيبة الفيلم المتزايدة في الجامعات وفي الدوريات التي أنتجتها هذه الجامعات.
كانت إحدى الشخصيات البارزة في الانتقال من نوادي السينما إلى ثقافة السينما في الجامعة هي الباحثة الفرنسية ماري كلير روبار التي خلفت بازان في مجلة «إسبري» بعد عام 1958. يؤسس أول كتابين لها، وهما «شاشة الذاكرة» و«من الأدب إلى السينما» الإشكالية الأدبية في السينما. ولم يمر وقت طويل قبل أن تتبنى روبار نظريات جاك دريدا ، وتكتب تحليلات مطولة لفيلم «مورييل»، ولفيلم «أغنية الهند» (إنديا سونج) لمارجريت دوراس الذي ناقشته في أقوى أطروحة لها بعنوان «النص المقسم». لعل جودار أغلق هذه الدائرة حينما طلب من دوراس أن تمثل بنفسها في فيلم «حركة بطيئة» («سلو موشن»، «سوف كي بو (لا في)»، 1980). تسألون عن هدفه؟ تصوير الأصالة، ومنح صورة للكتابة. «السينما بوصفها كتابة» هي فكرة لها جذورها في مقال أستروك الذي صدر عام 1948 عن «الكاميرا-القلم» الذي يفترض المكانة التي لا غنى عنها للكتابة النقدية بوصفها المكمل الضروري لأي فيلم له مستقبل. قد يثار النقد بالصور، لكنه يثيرها بدوره أيضا؛ إذ يحاول توضيح ملامح واقع ما - موضوع سينمائي - هذه الصور هي آثاره. ولذا، ومن البداية إلى النهاية، بداية من النص أو الفكرة المدونة بارتجال، إلى التفصيل النقدي، تعمل الكتابة يدا بيد مع الصور في ممارسة ثنائية القطبين تهدف منها السينما المشوبة، من البداية، للوصول إلى كل أنواع الموضوعات وكشفها وتفصيلها، ومنها الموضوعات التي كانت في وقت ما أو ما زالت غير قابلة للتخيل لأنها تنتمي إلى «المادة» أكثر مما تنتمي إلى «الموضوع» البشري.
في زمن بازان، قدمت فنون الرواية والمسرح والرسم الناضجة موضوعا ساعد السينما الناشئة في النضوج. واليوم، وبعد أن اكتسبت مكانتها في المناهج الجامعية وعلى صفحات الفن في الصحف والدوريات الثقافية، فإن حيوية السينما و«لا نقاءها» الضروري يأتيان الآن من الاتصال بالكتب المصورة وبالتليفزيون وبالموسيقى الشعبية وبألعاب الفيديو وبثقافة الكمبيوتر. لن تحتفظ السينما بحيويتها وثقلها اللذين عملت على تحقيقهما على امتداد قرن، بمجاراة الثقافة الشعبية؛ ولا ينبغي لها أيضا التقهقر إلى ملاذ الأفلام ذات القيمة الفنية العالية أو دار عرض الفنون المتخصصة (على الرغم من أن هذا يحفظ رأس مال ضخم من الأفلام العظيمة التي تمول استثمار السينما في أي مستقبل تصنعه). بدلا من ذلك، يجب على السينما المضي قدما في القرن الجديد باستيعاب الموضوع الذي يحيطها، وهو ثقافة وسيط جديد على نحو متزايد. ستكون الأفلام المشوبة الناتجة، ولا شك، سينما مختلفة عن التي عرفناها ، لكنها ستكون سينما جديرة بماضيها إلى درجة أنها تحافظ على ما قد تكون أفضل تسميه له هي الروح السينمائية. ما ورثه أندريه بازان هو توجه أكثر منه مذهبا؛ توجه مليء بالفضول والتلقائية والاستجابة لواقع ينظر إليه إلى ما لا نهاية على أنه مبهم ويستحق اهتمامنا. يلتقي أفضل صناع الأفلام بأفضل النقاد على عتبة الشاشة حيث تحكم الصور، لكن فقط كي تقود إلى ما وراءها.
هوامش
الفصل الرابع
تطور موضوعات السينما
حققت السينما وعيها بذاتها خلال مسيرة السنوات العشرين، من فيلم «قواعد اللعبة» إلى أفلام «الأربعمائة ضربة»، و«هيروشيما حبي»، و«منقطع الأنفاس». كان روسيليني وبازان بمنزلة قناتين لهذا التحول، أو «قائدي المركب» كما يسميهما سيرج داني. لم يجلب النضوج معه فقط الجرأة المزهوة، ولكنه أتى أيضا بالشكوك والأسئلة التي تتجلى في عنوان أعمال بازان المجمعة التي نشرت مع بداية ظهور «الموجة الجديدة»، وهو «ما هي السينما؟» ولأنه لم يكن مستعدا لتقييد هذا الفن التكنولوجي الأول، بل حتى لم يكن مستعدا لتعريف السينما بأنها فن، أو استبعاد أي نوع من استخداماتها وأنواعها، مهما كان اعتياديا أو هامشيا، فقد أبقى بازان السينما سؤالا مفتوحا، منفتحا على العالم الذي يشتبك معه دائما بشكل ما. من هنا نبع إيمانه بأن السينما «الحديثة» كانت تنفلت من قيود الأسلوب «الكلاسيكي» بفضل «طليعة» محددة، شعر بأنها بدأت في استكشاف حقل سينماتوغرافي جديد، سعيا وراء عوالم أكبر يفترض أن تمثلها. قد تكون مصطلحات «كلاسيكية» و«حديثة» و«طليعة» تبسيطية وغامضة، لكنها مع ذلك تحدد مخاطر اللعبة وتؤكد قواعدها.
Página desconocida