¿Qué es el cine?
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
Géneros
وقد برر جيل دولوز في عام 1983 رفض هنري برجسون في عام 1908 للآلة، بالإصرار على أن الفيلسوف لم يأخذ في اعتباره إلا آلة «السينماتوغراف»، ولم يكن قد شعر بعد بالفرق الذي تمثله السينما التي انبثقت بعد ذلك بفترة قصيرة بوصفها طفرة كاملة.
4
صمم دولوز مصنفه المذهل لأنواع الأفلام، مصرحا بمزاعم كبرى عن براعة هذا الفن، مع بدء إدخال العمليات الرقمية في أساليب الإنتاج في الاستوديو، وحينما كانت شرائط الفيديو قد بدأت في تغيير ملامح التوزيع والعرض. بعد دولوز، ظهرت طفرة جديدة سميت إجمالا «الوسائط الجديدة»، وهي التي وضعت هيمنة السينما المتفاخر بها موضع الشك، على أقل تقدير.
والواقع أن دراسات السينما التقليدية تمر بحالة دفاعية؛ لأن «فكرة السينما» آخذة في التغير من حولنا. يجمع الدارسون الشباب، وهم يراهنون على المستقبل، ببلوجرافيات تتحدث عن «اضمحلال السينما وموتها»؛ ويستخلصون دروسا من كتاب سيجفريد زيلينسكي المعنون بجرأة ب «رؤى سمعية: السينما والتليفزيون بوصفهما محطتين في التاريخ».
5
هل مرت السينما بالفعل بتحول لا علاج له؛ لكونها حساسة جدا للتغيرات في التكنولوجيا والثقافة (أكثر حساسية من الرواية على سبيل المثال؟) حتى لو كان هذا صحيحا، فأنا أعتبر أن السينما مميزة داخل نطاق الظواهر السمع-مرئية. يهدف هذا التمهيد إلى فك بعض الخلط في الأفكار المتبقية عقب موجة المد الرقمي. بعد ذلك، يمكنني رسم مخطط جمالي للسينما لا يدين بأي شيء لما هو رقمي، وإن كان من الممكن أن يتعايش مع التكنولوجيات الجديدة ويستفيد منها. في حقيقة الأمر، ليس المد الرقمي موضع نقاش في هذا الكتاب بقدر «خطاب المد الرقمي» الذي قد يقلل بعضه بتكبر من مركزية السينما نفسها أو يتجاوزها.
لا أقصد هنا تنفير المخلصين لمقولات ما بعد الفيلم أو ما قبل السينما بالقول إننا ندرك ما الذي كانت السينما تظنه عن نفسها حينما كانت تتقدم دون أن يتساءل أحد عن هويتها وقدرتها، وحينما حققت إدراكا مكتملا لمكانتها وإمكانياتها، وزادته تفصيلا. يستطيع المرء أن يشير إلى التنوع الكبير في الصيغ التي تندرج تحت أسماء مثل «بدايات السينما» و«الوسائط الجديدة» ويتمتع بتميزها؛ ويركز في الوقت نفسه مع ذلك على ما أصبحت عليه السينما في أيام مجدها وما لم تزل عليه، كما سأوضح. لذا، دعونا نضع المعيار العام نصب أعيننا، ونركز على الهدف دون أن نبدي حنينا إلى الماضي أو نكوصا. فالأفلام التي طورت شكلا متماسكا بعد الحرب العالمية الأولى، واستمرت فوق القمة سبعين عاما، بوصفها الشكل الفني الأشهر والأكثر حيوية، تبرز بقوة للمشاهدة والمراجعة. ما هو المرشح الآخر الذي يمكن أن يعرفه زيلينسكي بأنه «محطة في التاريخ»، باستثناء الفيلم الروائي الطويل القوي الذي يرى أنه سد الباب لفترة أطول مما ينبغي، مانعا دخول أي وسائط أخرى؟ ماذا أيضا في أذهان النقاد حينما يقولون إن السينما في اضمحلال فيما عدا الأفلام الروائية الطويلة كما عرفناها ودرسناها؟
بالطبع، طالما كانت هناك أنواع أخرى من الأفلام التي تمثل «أفكارا عن السينما» مختلفة عن هذا النوع السائد. ماذا سنسمي منتجات العقد الأول من عمر وسيط السينما، حينما لم تكن كلمة «مبتكر» تنطبق فقط على من يطلبون براءات الاختراع، ولكن أيضا على الحرفيين الذين صنعوا الأفلام، ورواد الأعمال الذين مولوها، ووجدوا جماهير (أو كونوها)؟ أيا ما كان الاسم الذي أطلق على هذا الوسيط، فقد تطور مرتبطا بالممارسات الصحفية والترفيهية والعلمية، وحتى الروحية، التي أثر كل منها في صناعة الأفلام الوليدة وفي مشاهدتها، كل بطريقته. يحدد اسم «سينما العروض الجذابة» فكرة ما عن السينما، كانت منتشرة في تلك الفترة. ويتضمن وينظم استخدامات معينة للتكنولوجيا، وممارسات معينة لصناع الأفلام والعارضين، فضلا عن عادات المتفرجين ورغباتهم التي تتجلى في شهادات كتبها صحفيون ومعلقون ثقافيون؛ بل إنه يتضمن بالفعل، وعلى نحو خاص، البروتوكولات والقوانين التي أرسيت لتنظيم هذه الظاهرة الجديدة.
أصبحت «سينما العروض الجذابة» منذ تطويرها في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، فكرة قوية ومميزة عن السينما. وبغض النظر عن النتيجة، فإن التنوع الرائع الذي ضمته هذه الفكرة المتميزة، حل محله تدريجيا نمط قصصي منظم، أو حول إلى هذا النمط، ثم أصبح بعد ذلك ما سمي «النظام الكلاسيكي»، أو «نظام الاستوديو». ولا تنطبق هذه الفكرة فقط على صناعة ترفيه متكاملة، ولكن على تصور لناتج هذه الصناعة البراق، وهو الفيلم الروائي الطويل. وسواء أصدر هذا الفيلم من أحد استوديوهات هوليوود الثمانية، أم أنتج في أي مكان في العالم، في صورة «الأفلام الاعتيادية»، فإن السينما الكلاسيكية سيطرت على فترة ما بين الحربين العالميتين؛ وبالفعل، مثلت النمط السائد بعد ذلك بفترة طويلة (ولم تزل تعرض، وتستحوذ على نصيب كبير من الشاشات في مجمعاتنا السينمائية اليوم). لكن بحلول عام 1965، أدرك أي شخص له اهتمام عميق بالسينما قيود المفهوم الكلاسيكي. حتى في عقدي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، تنافس كثير من الأفلام «غير الاعتيادية» مع الأنواع السائدة، وعادة ما كانت تدعمها الأفكار السياسية أو الجمالية للمنتجين المستقلين أو مؤسسات الدولة. وبمزيد من الإلحاح، سألوا: كيف ينبغي أن تعمل الأفلام في المجتمع؟ وكيف ينبغي أن تصنع وتشاهد؟ وكيف ينبغي أن يكون شكلها وصوتها؟ منذ عشرينيات القرن العشرين حتى ظهور «الموجة الجديدة». كانت هذه الأسئلة يجاب عنها ببدائل جريئة ومتحفظة في آن واحد، حادت بعيدا عن العرف السائد الذي كان هناك إحساس مع ذلك بأنه مهيمن، إن لم يكن حتميا.
وخلال العصر الذهبي لنظام الاستوديو، بقيت أقوى الأفكار البديلة عن السينما، باستثناء الرسوم المتحركة، حية في أنماط غير روائية؛ مثل: الوثائقيات والأفلام التجريبية والأفلام القصيرة، وكذلك في الأفلام التعليمية والصناعية وأفلام الهواة. كل تلك الأنواع، وكذلك الأفكار المستفيضة المتعلقة باستخدامات السينما وقدراتها التي وضعت موضع التطبيق، تجبرنا على النظر إلى الوسيط السينمائي نظرة شاملة وواسعة؛ حيث تحتفظ بمساحة يمكننا رسم مخطط لها على هيئة دوائر متحدة المركز، تقع على مسافات مختلفة من الهدف المركزي، وهو الفيلم الروائي الطويل. هنا، نتبع خطى أندريه بازان الذي ربما أعجبته «عبقرية النظام»، وكتب بكثرة عن تشارلي تشابلن وبريستون ستورجس ووليام وايلر، فضلا عن أفلام الغرب، لكنه شعر بأنه يجب عليه بالقدر نفسه الاحتفاء بالرسوم المتحركة (مثل أعمال نورمان ماكلارين) والمجموعات الأرشيفية (باريس 1900)، وأفلام جون بانلوفي العلمية الغريبة القصيرة. مع ذلك، فإن التركة النقدية - التي منحت طابعا مؤسسيا - المحيطة بالأفلام الروائية الطويلة، تسببت في أكثر النقاشات حدة وقوة في نظرية الفيلم، وهذا بلا شك بسبب التبعات الاجتماعية لشيوع هذ الأفلام، وتداخلها السهل مع جماليات الرواية والمسرح، وكذلك ارتباطها بسوق الترفيه في العالم كله.
Página desconocida