تقول قطعة السلاح
إن الذي علمها الكفاح
يستشهد اليوم هناك
وهكذا يرى المقاتل عبد الصبور منير أن العالم الضرير الذي كان قد لزم بيته قبل حرب أكتوبر بسنوات، هو الذي علم الكفاح لقطعة السلاح، كما يرى أنه هو الذي كان جديرا أن يبارك ما قامت به أيدي المحاربين من حمل للسلاح، وما كانت تضمره قلوبهم من العمل بعد النصر لإعادة بناء البلاد.
يقول عبد الصبور منير: «إن كل شيء في سماء الوطن الجميل، محمل بما منح طه حسين الجيل، من الأصالة والعزة والفكر.» وإذا كان طه حسين قد أعطى لبلده هذا العطاء، فإن قصة حياته نفسها كانت أيضا من أجمل ما خلف لهذا الجيل من أجيال العرب ولمن يليه من الأجيال، لما فيها من مثل عليا تحتذى في تحدي أصعب العقبات وتحقيق أبعد الأهداف.
وقد عرض التليفزيون المصري جانبا من قصة حياة طه حسين كما رواها هو في كتاب «الأيام»، لم يكد عرضها ينتهي حتى انهالت الرسائل من أرجاء الوطن العربي تطلب أن يعرض التليفزيون بقية قصة حياة طه حسين، فطلب التليفزيون مني أن أعد فصولا يمكن له على أساسها إخراج السلسلة الجديدة المطلوبة، فكتبت هذه الصفحات التي قرأها الأستاذ رئيس مجلس إدارة دار الهلال فأراد أن ينشرها كما هي في مجلة «المصور»، وهو يعيد نشرها الآن في هذا الكتاب دون إعادة صياغتها، وهي محتاجة إلى إعادة الصياغة في بعض المواضع، ودون الإضافة إليها، وهي محتاجة إلى هذه الإضافة في كثير من الأحيان.
وأنا أرجو أن تكون المواقف التي تخيلتها والأحاديث التي أدرتها بين العميد وبين أفراد أسرته، وبينه وبين زملائه ومعاصريه، قد حققت - إلى جانب ما نقلته مما كتب العميد إلى أصدقائه من الرسائل، وما رفعه إلى المسئولين من المذكرات - بعض ما يستهدفه هذا الكتاب من تصور لحياة العميد وحياة مصر الثقافية في الخمسين عاما التالية للسنوات التي سجل أحداثها العميد الفقيد في الأجزاء الثلاثة من كتاب «الأيام».
وقد اطلع على هذه الفصول أساتذة أصدقاء نظروا فيها وأبدوا عليها من الملاحظات ما انتفعت به، فأنا أهديهم هنا أحسن الشكر وأصدقه دون أن يحملهم ذلك شيئا من التبعة عما في هذه الصفحات من تقصير وقصور ... أذكر منهم السادة الوزير أحمد نجيب هاشم والأستاذة الدكتورة سهير القلماوي والأستاذ مصطفى أمين والأستاذ محمد فتحي والأستاذ يحيي العلمي، وأخيرا وليس آخرا كما يقال الأستاذ مكرم محمد أحمد الذي أخصه بالشكر لأنه - وقد رأى التعجيل بنشر هذه الفصول كما هي - قد دفعني إلى العمل لإعداد دراسة شاملة لحياة طه حسين وعمله، أرجو أن يتفضل بالمساعدة على إعدادها كل أصدقاء طه حسين من زملاء وتلاميذ وقراء.
ويهمني أخيرا أن أذكر أن أسرة العميد قد اطلعت على هذه الصفحات وهي تأمل - وأنا أشاركها هذا الأمل - أن تجلو هذه الصفحات للمشاهدين وللقراء صورة أمينة للرجل الذي لم يزل يتعرض حتى اليوم للإساءة الظالمة والذي تكن له الملايين من قومه العرب، في نفس الوقت، أصدق مشاعر الحب والإجلال والعرفان بالجميل.
م. ح. ز
Página desconocida