في غرفة رئيس قسم اللغة العربية واللغات الشرقية وفي شتاء 1935، يجلس رئيس القسم الدكتور طه حسين بعد الانتهاء من محاضراته ومعه من أساتذة القسم الأستاذ أحمد أمين والأستاذ أمين الخولي والأستاذ إبراهيم مصطفى والأستاذ عبد الوهاب عزام.
طه حسين يبدي سرورا بإنتاج زملائه الأساتذة مطالبا بالمزيد؛ قد نشر الأستاذ أحمد أمين كتاب «فجر الإسلام»، وهو بداية لعمل ضخم في تاريخ الحضارة الإسلامية، تتجه النية إلى أن يضطلع به أحمد أمين وعبد الحميد العبادي وطه حسين نفسه، يتناول أحمد أمين الناحية العقلية، وعبد الحميد العبادي الناحية التاريخية، وطه حسين الناحية الأدبية، ورئيس القسم يهنئ أحمد أمين بأنه كان أسبقهم إلى الإنتاج، ويحثه على أن يستمر ليكون «ضحى الإسلام» بين يدي الباحثين والقراء بعد «فجر الإسلام».
وعبد الوهاب عزام، الذي نشر «شاهنامة» الفردوسي في ترجمتها العربية، قد أدى خدمة كبرى للدراسات الإسلامية، والقسم الآن في انتظار عودة الجيل الثاني من أصحاب الدراسات الفارسية والتركية، مثل إبراهيم أمين الشواربي الذي يدرس في لندن، ويحيى الخشاب الذي يدرس في فرنسا، ومن دارسي اللغات السامية (اللغة العبرية واللغة السوريانية ) مثل مراد كامل وفؤاد حسنين اللذين يدرسان في ألمانيا. يقول طه حسين يجب أن نهتم كذلك بلغة الهند الإسلامية اللغة الأردية، وأن نبحث عمن يدرسها للطلاب إلى أن يتيسر إعداد أحد أبنائنا ليتخصص في لغات الهند.
وأمين الخولي يتابع دراساته القرآنية بتعمق وتفتح كبيرين، يقول له طه حسين إن الشباب يشكون من بخله في الدرجات، وهو يدافع عن نفسه بأنه يزن مجهودات الطلاب بميزان عادل دقيق، يقول إن الطلبة هم الذين يعطون الدرجات لأنفسهم، يقصد أنهم هم الذين يجيدون الإجابة أو لا يجيدونها.
طه حسين يذكر أن الأستاذ الألماني جوزيف شاخت سيلقي محاضراته في فقه اللغة العربية واللغات السامية، وأن خليل يحيى نامي مهتم باليمن، وأن القسم سيقترح أن يسافر إليها ليقوم هناك ببحوث لغوية بالتعاون مع قسم الجغرافيا بالكلية، ومن أساتذته الآن الدكتور محمد عوض محمد والأستاذ مصطفى عامر والأستاذ الشاب الدكتور سليمان حزين.
ويقول طه حسين إن القسم يجب أن ينبه طلابه إلى أهمية اللغات الأجنبية كلها، وليس الإنجليزية والفرنسية فقط، ويذكر أن الكلية ستدخل نظام الدراسات الاختيارية في مواد إضافية يقبل عليها الطلاب إن شاءوا، الأستاذ «ران» ومسز «برج» سيدرسان الألمانية بعد الظهر لمن شاء من الطلبة، وربما أيضا من الأساتذة، أما اللغة الإيطالية فإن أحد شباب الكلية العائدين من البعثة في إيطاليا، الدكتور حسن عثمان، مترجم ومحقق الكوميديا الإلهية، سيعطي دروسا في الإيطالية وآدابها لمن يريد، كما أن الأستاذ «بول كراوس» سيدرس البهلوية، وهي اللغة الفارسية قبل الإسلام، لمن يشاء من المهتمين بالحضارة الساسانية.
واللغة العربية لا بد من أن يبذل هذا الجيل أقصى الجهد لتيسير نحوها وتذليل صعوبات كتابتها، والأستاذ إبراهيم مصطفى مشغول ببحوثه في النحو العربي ويستعد لإخراج كتاب هام جديد في هذا الموضوع.
ويذكر طه حسين أن هناك جوانب من الأدب العربي لم نعطها حقها من الدراسة والبحث حتى الآن، عندما الأدب الأندلسي، القسم سيقوم بنشر كتاب «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» لابن بسام، وقد كون لجنة لتحقيقه ونشره يشرف عليها عبد الوهاب عزام وعبد الحميد العبادي، ويشترك فيها عدد من الشباب الممتازين، منهم عبد العزيز الأهواني، وبخاطره الشافعي، وعبده عزام،
1
وعلى ذكر الشباب يشير طه حسين إلى أن عبد الحميد يونس مهتم بالأدب المصري، وشوقي ضيف يتابع دراسته في النقد في كتاب الأغاني، وسهير القلماوي ينتظر أن تناقش قريبا رسالتها عن «أدب الخوارج في العصر الأموي» للحصول على درجة الماجستير، وعبد اللطيف حمزة مشغول بابن المقفع.
Página desconocida