وانتهى الرقص، وبدأ الإعداد للعشاء، وراحت العيون السكرانة تتطلع إلى حجرة المائدة. وفي خبرة أدرك كل من ياسر ومها أنهما يستطيعان أن يختلسا بضع كلمات، فإن تكن مها قليلة خبرة بمهنة الرقص فما هي بقليلة خبرة بمهنة المرأة. - متى ستتركين العشاء؟ - عندما تحب. - الآن. - قد يلحظون. - نتظاهر بأننا معهم على العشاء وننصرف. - معقول.
وتم الأمر على ما اتفقا عليه. وفي المصعد: معك سيارة؟ - معي. - وأنا معي سيارة. - تتركها أنت؟ - وهو كذلك.
وحين أصبحا في الطريق قال لها: هذه سيارتي. - مرسيدس آخر موديل طبعا يا عم. - تحت أمرك. - هي من الليلة تحت أمري فعلا. - فعلا. - بكم اشتريتها؟
وركبا سيارتها ولم تكن قد أصبحت مرسيدس بعد، وإنما هي تحبو نحوها. وأجاب السؤال: أنا لا أشتري. - طبعا، يا بخت من كان النقيب خاله. - أو حماه.
وضحكا وهي تقول: هدية منه؟ - يوم الصباحية. إلى أين أنت ذاهبة؟ - إلى الشقة عندي. - حلو. - ما زال أمامي أكثر من ساعة نقضيها معا. •••
في البيت قبيل خروجهما قال لها: أترين أن أؤجر شقة لنا؟ - كم كنت ستدفع في الإيجار؟ - مائة جنيه؟ - قل مائة وخمسين. - مثلا. - أؤجر لك شقتي هذه وتدفع لي المبلغ. ألم تكن ستؤجرها لي. - أنا وأنت فقط؟ - طبعا. - إن عرفت أخرى قتلتك. أنا لست مثل زوجتك تضحك علي. الخادمة تأتي في الصباح ومن بعد الظهر إلى اليوم التالي وحدي. - عظيم، تبقى المسألة في بيتها. - إذن اتفقنا. - وهذا هو المقدم.
وأعطاها مائة وخمسين جنيها. فقد كانت الأموال تجري في يده لا يعرف كيف ينفقها. فبعد الشهر الأول من الزواج أخبرته زوجته: أبي سيعطينا ألفي جنيه في الشهر. - يعطيك أنت؟ - ألست أنا وأنت واحدا؟ - طبعا. - إذن أنا سأضع المبلغ في هذا الدرج، ويكون معك مفتاح، وما تريده خذه، وما أريده آخذه. - وإن نفد؟ - يأتي غيره.
وهكذا أصبح مرتبه الكبير الذي يتقاضاه من البنك شيئا ضئيلا لا يستحق الذكر. فقد أدرك صفوت أن حالة ياسر المالية لن تحتمل المظاهر التي يفرضها عليه زواجه بابنته، وطلب إلى ابنته أن تقول له ما قالت متصورا أن إعطاءه مالا لياسر بطريقة أخرى قد تغض من كرامته.
وهكذا لم يكن في إعطاء ياسر مائة وخمسين جنيها لمها أي عسر عليه.
وأصبح ياسر يتردد على مها في أغلب أيام الأسبوع قبل أن تذهب إلى الكباريه. إلا أن هذا لم يكن يمنعه أن يذهب إلى الكباريه مرة في الأسبوع أو مرتين، فقد كانت سوسن من هذا النوع الذي لا يحاسب زوجه وكان يكفيه أن يقول لها إنه سيسهر ليلته مع بعض أصدقاء حتى توافق دون حتى أن تسأله عن هؤلاء الأصدقاء.
Página desconocida