وفي سبيل الله ما لقيت
وقد تكون حركة الهرولة في الطواف بالكعبة ملحوظة في كل دعاء مروي كيفما اختلف المختلفون في صحة الرواية، كما قيل عن امرأة أخزم بن العاصي حين نذرت ولدها للكعبة، فقالت:
إني جعلت رب من بنيه
ربيطة بمكة العلية
فباركن لي ربها إليه
واجعله لي من صالح البرية
فهكذا يفهم الناظم كيف تكون حركة الدعاء مع الهرولة، أيا كان صاحب النظم أو من ينسب إليه.
هذه المرددات الفردية هي التي ميزت النظم العربي باستقلال فنه ووضوح قافيته وترتيله، ولو وجدت في الجاهلية العربية صلوات جامعة تنشد فيها الدعوات المحفوظة لوجدت فيها القصائد التي تمثل لنا حياتهم الدينية وحياتهم الاجتماعية، إما من أناشيد الصلاة كما عرفها العبرانيون، أو من أناشيد المسرح كما عرفها اليونان، ولكننا نعرف العرب من قصائدهم الفردية كما نعرف الأمم الأخرى من أمثال تلك القصائد، فلا يفوتنا منها غاية ما تدل عليه.
هذا سبب من أسباب تلك الظاهرة النادرة التي ظهرت لنا في القصيدة العربية، وكانت نادرة بين الأمم السامية والأمم الآرية على السواء.
أما السبب الآخر فهو أصالة الوزن في تركيب اللغة، فالمصادر فيها أوزان، والمشتقات أوزان، وأبواب الفعل أوزان، وقوام الاختلاف بين المعنى حركة على حرف الكلمة تتبدل بها دلالة الفعل، بل يتبدل بها الفعل فيحسب من الأسماء، أو يحتفظ بدلالته على الحدث حسب الوزن الذي ينتقل إليه.
Página desconocida