الذي يجعل الحجارة تبكي من الحزن
عند مرأى «ماريانا» وهي تموت
على المشنقة بدلا من أن تعترف!
وتتبع المسرحية الخطوط الهامة للحياة الحقيقية لماريانا بينيدا، التي ولدت في غرناطة عام 1804م من أسرة كريمة وتزوجت أحد المناضلين من أجل الحرية، الذي مات بعد الزواج بثلاث سنوات مخلفا لها طفلين، واحتضنت هي آراء زوجها الثورية وكفاحه من أجل حرية الشعب، فمدت يد المساعدة إلى المناضلين والمطاردين في عصر استبداد الملك فرديناند السابع ملك إسبانيا، ونجحت بذكائها ومهارتها في إبعاد الشبهات عنها، وانشغلت ماريانا في تطريز علم ضخم للثوار، يستخدمونه عند إعلان ثورتهم، كتبت عليه كلمات: «القانون، الحرية، المساواة»، ووشى بها أحد الخونة، وسقط العلم في يد حاكم غرناطة الذي بادر إلى اتهامها وسجنها، ولم يفلح التعذيب ولا المحاكمة في انتزاع أي اعتراف منها، إلى أن أعدمت في 1831م، شهيدة للحرية .
وقد شجع نجاح المسرحية في برشلونة على عرضها في العاصمة مدريد، حيث بدأت عروضها على مسرح «فونتالبا» في 12 أكتوبر 1927م، ولاقت نجاحا ملحوظا.
وقد تزامن مع عرض هذه المسرحية للمرة الأولى في برشلونة افتتاح معرض لرسوم لوركا في المدينة في «جاليري دالماو»، وقد استمر المعرض من 25 من يونيو إلى 2 من يوليو 1937م، وتضمن 24 لوحة، منها لوحة رسم فيها لوركا صديقه «دالي»، وقد قدم دالي في مقال له بمجلة «المجلة الجديدة» عرضا نقديا للمعرض، وقدم «سباستيان جاش» عرضا آخر له، وانتهت إقامة الشاعر في برشلونة بمأدبة تكريم حافلة، أقامها له الفنانون هناك.
وقبل العودة إلى مدريد أمضى لوركا أياما في «قداقش» مرة أخرى، عمل فيها مع دالي على وضع ما سمي «البيان اللافني»، وهو بيان يعبر عن آراء أصحابه الطليعية السيريالية في الفن والأدب والحياة، ويعتمد على تقرير اللاشخصانية واللاهوية واللاموضوع في التعبير الفني عموما، وقد تم نشر البيان في أحد أعداد مجلة «أصدقاء الفنون» في أغسطس 1927م، وترجمه لوركا ونشره عام 1928م بالعدد الثاني من المجلة، التي أصدرها ذلك العام في غرناطة.
مهرجان إشبيلية وديوان الفجر
وفي ديسمبر 1927م، ينعقد في «إشبيلية» مهرجان أدبي كان سببا في إطلاق اسم جيل عام 27 على لوركا وصحبه، تمييزا لهم كجماعة أدبية عن الجماعة الأدبية السابقة عليهم مباشرة، وهي جيل 1898م الذي أشرنا إليه في مطلع هذا الكتاب، وقد استمد النقاد هذا الاسم من اجتماع معظم أفراد هذه الحركة الأدبية والفنية في «إشبيلية»، بدعوة من «أتنيو إشبيلية» في مهرجان أقيم لتكريمهم، وإتاحة الفرصة أمامهم لإلقاء أبحاثهم ومحاضراتهم وإنتاجهم الفني في ذلك المركز الثقافي، بوصفهم شباب حركة فنية ناهضة أرهصت أعمالهم بعصر ذهبي جديد للأدب الإسباني، يضارع العصر الذهبي الأول أيام سرفانتس ولوبي دي فيجا .
ويتفق النقاد الآن على أن أعضاء هذه الجماعة المؤسسين عشرة، هم: فديريكو غرسيه لوركا - بدرو ساليناس - خورخي جيين - خيراردو دييجو - داماسو ألونصو - فيثنتي الكساندري - رافاييل ألبرتي - لويس ثيرنودا - خوسيه برجامين - خوان تشاباس.
Página desconocida