فقال الرجل بنبرة متألمة: لا أعرف، أقسم لك أني لا أعرف! - كذاب! - أحلف لك بالطلاق إن شئت! - هل ذاب كما يذوب الملح؟
فقال بنبرة تستجدي تصديقه: لا أعرف ولا أحد يعرف، انتقل من شقته عقب زيارتك له خوفا من بطشك، انتقل إلى روض الفرج ... - عنوانه؟ - انتظر يا سعيد، بعد قتل شعبان حسين سافر ومعه أسرته دون أن يخبر أحدا عن وجهته، كان مرتعبا وكانت المرأة مرتعبة، ولا يدري أحد عنهما شيئا! - بياظة! - أحلف لك بالطلاق بالثلاثة!
فلطمه الثالثة فتأوه وصاح بصوت ممزق: لم تضربني يا سعيد؟ ربنا يجحمه حيث يكون، أهو أخي أو أبي حتى أموت بسببه؟
وصدقه في النهاية على رغمه، ويئس من العثور على غريمه. ولو لم تكن تطارده جريمة قتل لصبر وانتظر حتى تحين الفرصة ولكن الرصاصة الطائشة أصابت أعز أمانيه، وإذا ببياظة يقول: أنت ظلمتني!
فلم ينبس فاستطرد الرجل: وفلوسي؟!
وتحسس الرجل خديه الملتهبتين ثم قال: أنا لم أسئ إليك، فلا يحق لك أن تغتصب مالي، ولي عليك حق الزمالة!
فقال باحتقار: كنت ضمن أعوانه! - كنت صديقه وشريكه، ولا يعني هذا أن أكون عدوك، ولا شأن لي بخيانته!
انتهى الصراع، ولم يبق إلا التراجع، وقال سعيد بصراحة: إني في حاجة إلى نقود!
فبادره بياظة: لك ما تشاء!
قنع سعيد بعشرة جنيهات، وذهب الرجل وهو لا يصدق بالنجاة، ووجد سعيد نفسه كما بدأ وحيدا في الخلاء، وقد تجلى ضوء القمر بوضوح أكثر، وارتفعت مناجاة الأشجار، يبدو أن عليش سدرة قد أفلت من مخالب التأديب، نجا بخيانته ليزيد الخونة الآمنين واحدا، أما أنت يا رءوف فالأمل الباقي في ألا تضيع حياتي عبثا!
Página desconocida