رجل جَاءَ بخصمه إِلَى القَاضِي فَقَالَ أحضر غَدا شهودي بذلك فَخذ كَفِيلا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يفعل ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَزفر رحمهمَا الله
وَفِي أدب القَاضِي للخصاف لَا يمشي القَاضِي فِي السُّوق وَحده ويتخذ أعوانا بَين يَدَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي غير مجْلِس الْقَضَاء مَا دَامَ قَاضِيا بل يولي غَيره مِمَّن يَثِق بِهِ ويروى عَن مُحَمَّد ﵀ أَنه يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي غير مجْلِس الْقَضَاء وَلَو كَانَت على الْخصم بَيِّنَة واختفى فَإِنَّهُ لَا يقْضى عَلَيْهِ كَذَا فِي واقعات عمر وَفِي البزازي وَلم يجوزوا الهجوم على بَيته ووسع فِي ذَلِك بعض أَصْحَابنَا وَفعل ذَلِك وَقت قَضَائِهِ وَصورته قَالَ الْخصم إِنَّه توارى وَطلب الهجوم بعث أمينين مَعَهُمَا أعوانه وَنسَاء فَيقوم الأعوان من جَانب السِّكَّة والسطح وَتدْخل النِّسَاء حرمه ثمَّ أعوان القَاضِي فيفتشون الغرف وَتَحْت السرير وَعَامة أَصْحَابنَا لم يجوزوا الهجوم اه
وَلَو قضى القَاضِي بقول مرجوع عَنهُ جَازَ قَضَاؤُهُ وَكَذَا لَو قضى بقول يُخَالف قَول عُلَمَائِنَا وَهُوَ من أهل الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد وَلَو قضى بِشَاهِد وَيَمِين ثمَّ رفع إِلَى حَاكم لَا يرَاهُ جَازَ لَهُ إِبْطَاله فَإِن رفع قبل إِبْطَاله إِلَى حَاكم يرى جَوَازه فنفذه لَيْسَ لحَاكم آخر لَا يرَاهُ جَائِزا إِبْطَاله وعَلى هَذَا الِاعْتِبَار جَمِيع الْأَحْكَام الْمُخْتَلفَة وَإِن حكم بِخِلَاف مذْهبه وَلم يعلم بِهِ جَازَ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز وَإِن كَانَ هَذَا غَلطا مِنْهُ
وَفِي شرح أدب القَاضِي للخصاف قَاض قضى بِإِبْطَال حق رجل فِي دَار وَذَلِكَ أَنه أَقَامَ سِنِين لَا يبطل حَقه فَأبْطل القَاضِي حَقه من أجل ذَلِك ثمَّ رفع إِلَى قَاض آخر فَإِنَّهُ يبطل قَضَاء القَاضِي بذلك وَيجْعَل الرجل على حَقه فِي الدَّار لِأَن بعض الْعلمَاء وَإِن قَالَ من لَهُ دَعْوَى فِي دَار فِي يَد رجل فَلم يُطَالب ثَلَاث سِنِين وَهُوَ فِي الْمصر فقد بَطل حَقه لَكِن هَذَا القَوْل قَول مَجْهُول مهجور مُخَالف لقَوْل جُمْهُور من الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء فَكَانَ خلافًا لَا اخْتِلَافا وَالْقَضَاء فِي مَوضِع الْخلاف لَا ينفذ فَإِذا رفع إِلَى قَاض آخر كَانَ لَهُ أَن يُبطلهُ وَالْفرق بَين الْخلاف وَالِاخْتِلَاف أَن الِاخْتِلَاف مَا كَانَ طريقهم وَاحِدًا وَالْمَقْصُود مُخْتَلف وَالْخلاف مَا كَانَ طريقهم مُخْتَلفا
وَقعت لرجل مَسْأَلَة ثمَّ حكم الْحَاكِم بِغَيْر مَا أفتوا بِهِ فَإِنَّهُ يتْرك فَتْوَى الْفُقَهَاء إِلَى مَا يرَاهُ الْحَاكِم إِذا كَانَت الْمَسْأَلَة خلافية لِأَن الْفَتْوَى لَا تنفذ وَالْحكم ينفذ كَذَا فِي تَكْمِلَة التكملة
وَذكر فِي الْمُحِيط إِذا زنى رجل بِأم امْرَأَته وَلم يدْخل بهَا فَرَأى القَاضِي أَن لَا يحرمها عَلَيْهِ فأقرها مَعَه وَقضى بذلك نفذ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ قَضَاء فِي مَحل مُجْتَهد فِيهِ ثمَّ نَفاذ هَذَا الْقَضَاء فِي حق الْمَحْكُوم عَلَيْهِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَفِي حق المقضى لَهُ إِن كَانَ عَالما فَكَذَلِك عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَعند أبي يُوسُف ﵀ إِن كَانَ الْمَحْكُوم لَهُ يعْتَقد الْحُرْمَة وَقضى القَاضِي بِالْحلِّ لَا يتْرك رَأْي نَفسه بِإِبَاحَة القَاضِي كَذَا فِي الْعِمَادِيّ
نوع فِيمَا يكون حكما من القَاضِي وَمَا لَا يكون إِذا قَالَ القَاضِي ثَبت عِنْدِي أَن لهَذَا على هَذَا كَذَا هَل يكون ذَلِك حكما مِنْهُ قَالَ بَعضهم يكون حكما وَكَانَ شمس الْأَئِمَّة مَحْمُود الأوزجندي يَقُول لَا بُد أَن يَقُول حكمت أَو قضيت أَو أنفذت عَلَيْك الْقَضَاء وَهَكَذَا ذكر الناطفي رَحمَه الله تَعَالَى فِي واقعاته وَالصَّحِيح أَن قَوْله حكمت أَو قضيت لَيْسَ بِشَرْط وَأَن قَوْله ثَبت عِنْدِي كَذَا يَكْفِي وَكَذَا إِذا قَالَ ظهر عِنْدِي أَو صَحَّ عِنْدِي أَو علمت فَهَذَا كُله حكم وَكَذَا قَوْله أشهد عَلَيْهِ يكون حكما مِنْهُ
قَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي قَول القَاضِي ثَبت عِنْدِي يكون حكما وَبِه نَأْخُذ لَكِن الأولى أَن يبين أَن
1 / 221