لَا تنطق بِحَقِّهَا لغَلَبَة الْحيَاء عَلَيْهَا فَيلْزم توكيلها وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى يَصح التَّوْكِيل بِغَيْر رضَا الْخصم وَبِه قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَالصَّحِيح أَن الْخلاف فِي اللُّزُوم لَا فِي الصِّحَّة فَعنده الْوكَالَة من غير رضَا الْخصم صَحِيحَة غير لَازِمَة حَتَّى ترد الْوكَالَة برد الْخصم وَلَا يلْزمه الْحُضُور وَلَا الْجَواب بخصومة التَّوْكِيل وَعِنْدَهُمَا صَحِيحَة لَازِمَة وَلَا ترد برده وَيلْزمهُ الْحُضُور وَالْجَوَاب بخصومة الْوَكِيل وبقولهما أَخذ أَبُو اللَّيْث وَأَبُو الْقَاسِم الصفار وَبَعض الْمُتَأَخِّرين اخْتَار أَن القَاضِي إِذا علم من خَصمه التعنت من إباء التَّوْكِيل يقبل التَّوْكِيل وَإِن علم من الْمُوكل الْقَصْد إِلَى إِضْرَار صَاحبه بالحيل من الْوَكِيل لَا يقبل التَّوْكِيل إِلَّا بِرِضا صَاحبه وَإِلَيْهِ مَال الامام السَّرخسِيّ والأوزجندي رحمهمَا الله
وَفِي البزازي وكل أحد الْخَصْمَيْنِ من وكلاء المحكمة وَكيلا فَقَالَ الآخر لَيْسَ لي مَال اسْتَأْجر بِهِ من وكلاء المحكمة من يقاومه وَأَنا عَاجز عَن فَلَا أرْضى بالوكيل بل يتَكَلَّم بِنَفسِهِ معي فالراي فِيهِ إِلَى الْحَاكِم وَأَصله أَن التَّوْكِيل بِلَا رضَا خَصمه من الصَّحِيح الْمُقِيم طَالبا كَانَ أَو مَطْلُوبا وضيعا أَو شريفا إِذا لم يكن الْمُوكل حَاضرا فِي مجْلِس الحكم لَا يَصح عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى أَي لَا يجْبر خَصمه على قبُول الْوكَالَة وَعِنْدَهُمَا وَالشَّافِعِيّ رَحِمهم الله تَعَالَى يَصح أَن يجير على قبُوله لما مر
وَفِي أدب القَاضِي لَا خلاف فِي صِحَّته بِلَا رضَا خَصمه لَكِن لَا يسْقط حق الْخصم فِي مُطَالبَته بالحضور مجْلِس الحكم وَالْجَوَاب لنَفسِهِ الا بِرِضا الْخصم أَو مرض الْمُوكل أَو مخدرة وَكَونه مَحْبُوسًا من الْأَعْذَار وَيلْزمهُ تَوْكِيله فعلى هَذَا لَو كَانَ الشَّاهِد مَحْبُوسًا لَهُ أَن يشْهد على شَهَادَته
وَقَالَ البزازي إِن كَانَ فِي سجن القَاضِي لَا يكون عذرا لِأَنَّهُ يُخرجهُ حَتَّى يشْهد ثمَّ يُعِيدهُ وعَلى هَذَا يُمكن أَن يُقَال فِي الدَّعْوَى أَيْضا كَذَلِك بِأَن يُجيب عَن الدَّعْوَى ثمَّ يُعَاد اه وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل من الْأَشْرَاف وَقعت لَهُ خُصُومَة مَعَ رجل هُوَ دونه فَأَرَادَ أَن يُوكل وَكيلا وَلَا يحضر بِنَفسِهِ هَذِه الْمَسْأَلَة اخْتلف الْعلمَاء فِيهَا قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى نَحن نرى أَن تقبل الْوكَالَة والشريف وَغير الشريف فِيهِ سَوَاء
وَفِي المنبع قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيل بِالْإِقْرَارِ فِي مجْلِس الحكم حَتَّى لَو أقرّ على مُوكله فِي غير مجْلِس الحكم لَا يَصح إِقْرَاره وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى آخر التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيل بِالْإِقْرَارِ فِي مجْلِس الحكم وَفِي غير مجْلِس الحكم فَإِن الْمُوكل أَقَامَ الْوَكِيل مقَام نَفسه مُطلقًا فَيَقْضِي أَن يملك مَا كَانَ الْمُوكل مَالِكًا وَالْمُوكل مَالك الْإِقْرَار بِنَفسِهِ فِي مجْلِس القَاضِي وَفِي غير مجْلِس القَاضِي فَكَذَا الْوَكِيل
وَلأبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله أَن جَوَاب الْخُصُومَة مُخْتَصّ بِمَجْلِس الحكم حَتَّى لَا يسْتَحق على الْمَطْلُوب الْجَواب إِلَّا فِي مجْلِس الحكم وَالتَّوْكِيل بِجَوَاب الْخصم يتَقَيَّد فِي مجْلِس الحكم ضَرُورَة فَصَارَ تَقْدِير الْمَسْأَلَة وَكلتك لتجيب خصمي فِي مجْلِس الحكم وَلَو قَالَ هَكَذَا لَا يَصح إِقْرَار الْوَكِيل عَلَيْهِ فِي غير مجْلِس الحكم
أقرّ بِالدّينِ وَأنكر الْوكَالَة فَطلب زاعم الْوكَالَة تَحْلِيفه على عدم علمه بِكَوْنِهِ وَكيلا فالإمام ﵀ قَالَ لَا يحلفهُ وَقَالَ صَاحِبَاه يحلفهُ
وَذكر فِي الْعِمَادِيّ محالا على الذَّخِيرَة فِي فصل إِثْبَات الْوكَالَة أَن فِي تَحْلِيف الْوَكِيل للْمُدَّعِي عَلَيْهِ اخْتِلَاف الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى قَالَ بَعضهم هَذَا جَوَاب الْكل إِلَّا أَن الْخصاف خص قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
1 / 251