فِي الْقنية رجل طلب دينه من الْمَدْيُون فَأعْطَاهُ ألف من الْحِنْطَة وَلم يبعها مِنْهُ وَلم يقل إِنَّهَا من جِهَة الدّين فَهُوَ بيع بِالدّينِ وَإِن كَانَت قيمتهَا أقل من الدّين فَإِن كَانَ السّعر بَينهمَا مَعْلُوما يكون بيعا بِقدر قِيمَته من الدّين وَإِلَّا فَلَا بيع بَينهمَا
وَفِي الْعِمَادِيّ وَلَو كَانَ لرجل على آخر دَنَانِير فَقَالَ أَنا أُعْطِيك بهَا دَرَاهِم فساوم بِالدَّرَاهِمِ وَلم يَقع بيع ثمَّ فَارقه عَن قبض وَلم يسْتَأْنف بيعا فَهَذَا جَائِز البياعة وبنحوه عَن مُحَمَّد ﵀ قَالَ وَقد وَقعت وَاقعَة الْفَتْوَى فِي زَمَاننَا قلت وَصورتهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَكِن عربها بعض الْفُضَلَاء الْمجمع على خَيره وَدينه وَهُوَ رب الدّين إِذا توَافق مَعَ الْمَدْيُون على أَن يُعْطِيهِ من الذّرة بِمِقْدَار مَاله عِنْده من الدَّرَاهِم وَقد كَانَ ذَلِك الْقدر فِي ملكه والذرة فِي ذَلِك الْوَقْت كل مائَة من بِدِينَار إِلَّا أَن رب الدّين لم يقبض الذّرة فِي ذَلِك الْمجْلس ثمَّ بعد ايام جَاءَ وَقبض ذَلِك الْقدر من الْغلَّة وَقد تغير السّعر أينعقد البيع بَينهمَا فعلى قِيَاس مَا ذكر فِي مداينات الذَّخِيرَة يَنْبَغِي أَن ينْعَقد البيع بَينهمَا بِالْإِقْرَارِ السَّابِق وَالله ﷾ أعلم
وَفِي فَتَاوَى الديناري رجل لَهُ عِنْد رجل حِنْطَة دينا فجَاء رب الدّين وَأخذ مِنْهُ قماشا من الخام بِحِسَاب الْحِنْطَة وَذَلِكَ الْيَوْم سعر الْحِنْطَة كل مائَة من بِدِينَار ثمَّ لما حَاسبه كَانَ السّعر يَوْم الْحساب كل خمسين مِنْهَا بِدِينَار فَإِن حصل بَينهمَا مواضعة بِأَن عين القماش الخام بِمِقْدَار من الْحِنْطَة يعْتَبر ذَلِك التَّعْيِين وَإِن لم يحصل بَينهمَا مواضعة يعْتَبر وَقت الْحساب لَا وَقت الخرج وَاعْتبر بعض الْمَشَايِخ وَقت الخرج مستدلا بِأَنَّهُ لَو استخرج رجل من سمان حبوبا وَأَعْطَاهُ أغلب ثمنهَا يعْتَبر وَقت الخرج قَالَ الديناري وَالْمُعْتَبر عندنَا وَقت الْحساب
ادّعى الْمَدْيُون أَن الدَّائِن كتب على قرطاس بِخَطِّهِ إِن الدّين الَّذِي لي على فلَان بن فلَان أَبرَأته عَنهُ صَحَّ وَسقط الدّين لِأَن الْكِتَابَة المرسومة المعنونة كالمنطوق بِهِ وَإِن لم يكن كَذَلِك لَا يَصح الْإِبْرَاء وَلَا دَعْوَى الْإِبْرَاء وَلَا فرق بَين أَن تكون الْكِتَابَة بِطَلَب الدَّائِن وَبِغير طلبه وَلَو قَالَ تركت الدّين الَّذِي لي عَلَيْك لَا يكون إِبْرَاء وَيحمل على ترك الطّلب فِي الْحَال
وَذكر فِي الخزانة الْأَكْمَل محالا على فَتَاوَى صاعد رجل كتب على نَفسه بِمَال مَعْلُوم وخطه مَعْلُوم بَين التُّجَّار وَأهل الْبَلَد ثمَّ مَاتَ فجَاء غَرِيمه يطْلب المَال من الْوَرَثَة وَعرض خطّ الْمَيِّت بِحَيْثُ عرف النَّاس خطه حكم بذلك فِي تركته وَقد جرت الْعَادة بَين النَّاس بِمثلِهِ حجَّة
وَفِي جَامع الْفَتَاوَى وَلَو قَالَ تركت حَقي من الْمِيرَاث أَو بَرِئت مِنْهُ أَو من حصتي لَا يَصح وَهُوَ على حَقه لِأَن الْإِرْث جبري لَا يَصح تَركه
قَالَ الْمُدَّعِي للْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد الْخُصُومَة وهبت وَتركت لَا يكون إِبْرَاء مَا لم يقل مِنْك بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أبرئني مِمَّا لَك عَليّ أَو هَب لي فَقَالَ وهبت أَو تركت أَو أبرأت لِخُرُوجِهِ مخرج الْجَواب قَالَ من كَانَ لي عَلَيْهِ شَيْء فَهُوَ فِي حل قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ على دَعْوَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ على دَعْوَاهُ فِي الْعين الْقَائِمَة لَا فِي الدّين
أَبرَأَهُ عَن الدَّعَاوَى ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ أَو الْوِصَايَة عَن غَيره صَحَّ وَفِي الْعِمَادِيّ رجل ادّعى على آخر مَالا فَأنْكر فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنَّه كتب لي بذلك خطأ فَأنْكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَن يكون خطه فَأمره القَاضِي أَن يكْتب على بَيَاض فَكتب وَكَانَ بَين الخطين مشابهة ظَاهِرَة دَالَّة على أَنَّهُمَا بِخَط كَاتب وَاحِد لَا يقْضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعِي بِهِ لِأَن هَذَا لَا يكون أَعلَى حَالا مِمَّا لَو كَانَ هَذَا خطي وَأَنا كتبته
1 / 236