وعَلى كل مدعي عَلَيْهِ وَمِنْهُم من يَقُول يعْتَبر حَال الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن عرف بالصلاح اكْتفى بِذكر اسْم الله تَعَالَى وَإِن عرف بِغَيْر ذَلِك الْوَصْف غلط فِي الْيَمين وَمِنْهُم من يَقُول يعْتَبر حَال الْمُدَّعِي بِهِ إِن كَانَ مَالا عَظِيما يغلظ فِي الْيَمين وَإِن كَانَ حَقِيرًا اكْتفى بِذكر اسْم الله تَعَالَى وَلَا يحلف بِالطَّلَاق وَلَا بالعتاق لِأَن الْيَمين بهما يَمِين بِغَيْر الله تَعَالَى وَالْيَمِين بِغَيْر الله تَعَالَى لَا يجوز وَقيل فِي زَمَاننَا إِذا ألح الْخصم سَاغَ للْقَاضِي أَن يحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق لقلَّة مبالاة النَّاس بِالْيَمِينِ بِاللَّه تَعَالَى وَكثر الِامْتِنَاع عَن الْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق كَذَا فِي الْهِدَايَة وَغَيرهَا
وَفِي الْخُلَاصَة وَلَو حلفه القَاضِي بِالطَّلَاق فنكل وَقضى بِالْمَالِ لَا ينفذ قَضَاؤُهُ وَلَا تغلظ الْيَمين بِزَمَان وَلَا مَكَان عندنَا وَيحلف الْيَهُودِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَالنَّصْرَانِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى والمجوسي بِاللَّه الَّذِي خلق النَّار وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا يحلف أحد إِلَّا بِاللَّه خَالِصا وَلَا يحلف الوثني الا بِاللَّه
فَإِن قيل مَا الْفرق بَين يَمِين الْمَجُوسِيّ والوثني حَيْثُ يجوز تَغْلِيظ الْيَمين فِي حق الْمَجُوسِيّ بِذكر النَّار وَلم يجز فِي حق الوثني بِذكر الصَّنَم فَقَوْل بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي خلق الصَّنَم قلت إِنَّا أمرنَا بإهانة الصَّنَم والوثن لأَنهم اتَّخَذُوهَا إِلَهًا فَأمرنَا بإهانتهما بِخِلَاف النَّار لأَنهم لم يتخذوها الها فَمَا أمرنَا باهانتها فَتَأمل كَذَا فِي المنبع
وَسُئِلَ الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى عَن الْمَرْأَة إِذا كَانَت تعلم بِالنِّكَاحِ وَلَا تَجِد بَيِّنَة تقيمها لإِثْبَات النِّكَاح وَالزَّوْج يُنكر مَاذَا يصنع القَاضِي حَتَّى لَا تبقي هَذِه الْمَرْأَة معلقَة أَبَد الدَّهْر قَالَ يستحلفه القَاضِي وَيَقُول إِن كَانَت هَذِه الْمَرْأَة لَك فَهِيَ طَالِق حَتَّى يَقع الطَّلَاق بِالْيَمِينِ إِن كَانَت امْرَأَته لتخلص مِنْهُ وَتحل للأزواج
وَفِي المنبع هَل يحلف على الْحَاصِل أَو على السَّبَب فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله يحلف على الْحَاصِل وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يحلف على السَّبَب وَقَالَ فَخر الْإِسْلَام يُفَوض إِلَى رَأْي القَاضِي
وَذكر فِي النَّوَازِل أَنه يحلف الصَّبِي الْمَأْذُون وَيَقْضِي بِنُكُولِهِ وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَو حلف وَهُوَ صبي ثمَّ أدْرك لَا يَمِين عَلَيْهِ وَأَنه دَلِيل على أَن يَمِينه مُعْتَبرَة وَذكر فِي إِقْرَار الدَّعَاوَى والبينات أَن الصَّبِي التَّاجِر وَالْعَبْد التَّاجِر يسْتَحْلف وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالنّكُولِ
وَيجوز الافتداء عَن الْيَمين بِالدَّرَاهِمِ وَكَذَا يجوز الصُّلْح عَن الْيَمين على الدَّرَاهِم حَتَّى لَا يكون للْمُدَّعِي أَن يحلف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بعد ذَلِك لِأَن الافتداء عَن الْيَمين صلح على الْإِنْكَار وَبعد الصُّلْح على الْإِنْكَار لَا تسمع دَعْوَى الْمُدَّعِي فِيمَا وَقع الصُّلْح عَنهُ
ادّعى على آخر مَالا فَأنْكر وَأَرَادَ الْمُدَّعِي استحلافه فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ إِن الْمُدَّعِي قد حلفني على هَذِه الدَّعْوَى عِنْد قَاضِي بلد كَذَا وَأنكر الْمُدَّعِي ذَلِك فاقام الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بَيِّنَة على ذَلِك تقبل وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة وَأَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ يَدعِي إِيفَاء حَقه فِي الْيَمين وَلَو ادّعى الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه أبرأني عَن هَذِه الدَّعْوَى وَقَالَ القَاضِي حلفه إِنَّه لم يكن أبرأني عَن هَذَا لَا يحلفهُ القَاضِي لِأَن الْمُدَّعِي بِالدَّعْوَى اسْتحق الْجَواب على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَالْجَوَاب إِمَّا بِالْإِقْرَارِ أَو بالإنكار وَقَوله أبرأني عَن هَذِه الدَّعْوَى لَيْسَ بِإِقْرَار وَلَا إِنْكَار فَلَا يكون مسموعا من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقَال لَهُ أجب خصمك ثمَّ ادْع عَلَيْهِ مَا شِئْت وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أبرأني عَن هَذِه الْألف فَإِنَّهُ يحلف لِأَن دَعْوَى الْبَرَاءَة عَن المَال إِقْرَار بِوُجُوب المَال وَالْإِقْرَار جَوَاب وَدَعوى الْإِبْرَاء مسْقط فيترتب عَلَيْهِ الِاسْتِحْلَاف
1 / 232