Light and Darkness in the Light of the Book and the Sunnah
النور والظلمات في ضوء الكتاب والسنة
Editorial
مطبعة سفير
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ فإذا مسته النار أضاء إضاءة بليغة ﴿نُّورٌ عَلَى نُورٍ﴾ أي نور النار ونور الزيت ووجه هذا المثل الذي ضربه الله، وتطبيقه على حالة المؤمن ونور الله في قلبه، أن فطرته التي فُطِر عليها بمنزلة الزيت الصافي، ففطرته صافية، مستعدة للتعاليم الإلهية، والعمل المشروع، فإذا وصل إليه العلم والإيمان اشتعل ذلك النور في قلبه، بمنزلة إشعال النار فتيلة ذلك المصباح، وهو صافي القلب: من سوء القصد، وسوء الفهم عن الله، إذا وصل إليه الإيمان أضاء إضاءةً عظيمة؛ لصفائها من الكدورات، وذلك بمنزلة صفاء الزجاجة الدّريّة، فيجتمع له: نور الفطرة، ونور الإيمان، ونور العلم، وصفاء المعرفة، ونور على نوره، ولما كان هذا من نور الله تعالى، وليس كل أحد يصلح له ذلك قال: ﴿يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ﴾ ممن يعلم زكاءه وطهارته، وأنه يزكى معه وينمو، ﴿وَيَضْرِبُ الله الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ﴾ ليعقلوا عنه، ويفهموا لطفًا منه بهم، وإحسانًا إليهم؛ وليتضح الحق من الباطل، فإن الأمثال تُقرِّب المعاني المعقولة من المحسوسة، فيعلمها العباد علمًا واضحًا ﴿وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾، فعلمه محيط بجميع الأشياء، فَلْتَعْلموا أن ضربه الأمثال ضربُ من يعلم حقائق الأشياء، وتفاصيلها، وأنها مصلحة للعباد، فليكُن اشتغالكم بتدبُّرها وتعقُّلها، لا بالاعتراض عليها، ولا بمعارضتها، وأنتم لا تعلمون» (١)، وهذه الآية من أولها إلى آخرها فيها فوائد عظيمة، وأمثال حكيمة بليغة؛ ولهذا قال الإمام ابن القيم ﵀: «وهذا التشبيه العجيب الذي
_________
(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٥١٧.
1 / 26