174

Lessons of Sheikh Mohammed Al-Duwish

دروس الشيخ محمد الدويش

Géneros

ذكر الله تعالى في البيوت
والبيت أيضًا ينبغي أن يكون له نصيب من ذكر الله ﷿، ففي صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال: (مثل البيت الذي يُذكر الله فيه والبيت الذي لا يُذكر الله فيه مثل الحي والميت).
وفي حديث جابر في الصحيحين يقول ﷺ: (أغلق بابك واذكر اسم الله ﷿ فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وخمّر إناءك ولو بعود تعرضه عليه واذكر اسم الله، وأوك سقاءك واذكر اسم الله ﷿.
فتكون حال المؤمن حال الذاكر لله ﷿، فهو يذكر اسم الله حين يدخل بيته، وحينئذ يقول الشيطان: لا مبيت لكم، وحين يغلق بابه يذكر اسم الله ﷿، والشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، ويذكر الله حين يدخل فيسلّم على أهل بيته لأن السلام من ذكر الله ﷿ كما ثبت عنه ﷺ حين سلّم عليه رجل فلم يرد ﵇ حتى تيمم ثم قال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة)، فإذا دخلت فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك.
وهو يذكر الله حين يطفئ مصباحه يريد أن ينام، وحين يوكي سقاءه، ويذكر اسم الله حين يأوي إلى فراشه، وفي كل أحواله وأوقاته لا يفارقه ذكر الله ﷾، حينها يطرد الشيطان، وتحل البركة في هذا المنزل وهذا البيت.
والمسلم لا يفارقه ذكر الله فهو يستحضر وصية رسول الله ﷺ أن لا يزال لسانه رطبًا من ذكر الله، وهو يتطلع إلى أن يتحقق فيه: (من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)، ويتطلع إلى أن يكون من الذاكرين الله ﷿ كثيرًا والذاكرات، فهو يتطلع إلى أن يبلغ منازل الذاكرين ولهذا لا يفتر لسانه من ذكر الله ﷾ قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا، حال أولئك الذين أثنى الله ﷿ عليهم في كتابه: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران:١٩٠ - ١٩١] فهو يتطلع إلى أن يكون من الذاكرين الله قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه حتى يستحق هذا الوسام، وحتى يستحق هذا التشريف والتكريم، أعني أن يكون ممن وصفهم الله في كتابه بأنهم من أولي الألباب، وأن يكون ممن قال فيهم ﷿: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران:١٩٥].
وحين يدرك المؤمن هذه المعاني العظيمة في ذكر الله ﷿ يعمر أوقاته وأحواله كلها في بيته وسوقه بذكر الله ﷾ وتسبيحه وتمجيده والثناء عليه ﷿.
إذًا هذه نماذج، وهي دعوة إلى أن يعمر المرء بيته بطاعة الله ﷾ وعبادته، وأن يكون لبيته نصيب من عبادة الله ﷿ وطاعته، وأن لا يكون كحال أولئك الذين لا يعبدون الله إلا في بيعهم وصلواتهم وكنائسهم ومعابدهم، هذه العبادة وهذه الدعوة هي في إطار التصادق الشرعي، فما شرع الله أن يكون في المسجد فهو في المسجد، وما شرع أن يكون في الثغور ففي الثغور، وما شرع أن يكون أمام الناس ومع الناس فهو مع الناس، وما شُرع في البيت فهو في البيت أولى.

6 / 6