213

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

Géneros

عقوبة المكذبين وهلاكهم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا. بين الله ﷿ كيف أهلك الكافرين المكذبين، وكيف نجى رسوله والمؤمنين، قال ﷿: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة:٤ - ٥]، قيل: بالصيحة أو الزلزلة التي يصحبها صوت شديد هائل، ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة:٦ - ٨]. ودائمًا تأتي العقوبة -عباد الله- بما يتناسب مع كفر الكافرين ومع إعراضهم، فقوم عاد كانوا عتاة جبارين وقد بسط الله ﷿ لهم في أجسامهم وفي قوتهم ولكنهم كفروا بهذه النعمة فقالوا كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت:١٥]، ما تفكروا أن الله ﷿ الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وهو قادر على إهلاكهم، فسلط الله ﷿ عليهم ريحًا، ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة:٧ - ٨]. أهلكهم الله ﷿ بهواء أشد منهم قوة، ومن أضعف الأشياء الهواء الذي لا نحس به ونتحرك من خلاله سلطه الله ﷿ عليهم ريحًا شديدة. ومعنى قوله تعالى: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة:٦]: قيل: شديدة البروة وشديدة الهبوب، فكانت هذه الريح العظيمة تحملهم إلى السماء وتقذف بهم على الأرض فتنكسر رءوسهم، ثم تدخل الريح في أجوافهم فصاروا ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة:٧ - ٨] أي: ما بقي منهم من أحد. وقال بعض المفسرين بأن هذه الريح عندما أهلكتهم حملتهم وألقت بهم في البحر فلا تجد حتى أجسامهم على وجه الأرض فلا يرى إلا مساكنهم وصارت خاوية، وزاد هؤلاء الجبارون المتكبرون الذين كفروا نعمة الله ﷿ عليهم، وجحدوا قدرة الله ﷿ أن قالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت:١٥]، أرسل الله ﷿ إليهم الرسل، ولكنهم كذبوا دعوة الرسل. عباد الله! قصص الأنبياء واحدة وإنما تختلف الأسماء والمدد الزمانية والصفات وفي نهاية القصة لابد أن يجازى الله ﷿ المؤمنين وأن يهلك الكافرين والمكذبين، قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود:١٢٠]، فألحق هؤلاء بالغابرين وبالذين أغرقهم الله ﷿ من قوم نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم. سنن الله ﷿ تجري في عباده، ولابد أن يقيم الله ﷿ على العباد الحجة، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:١٥]، وقال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء:١٦٥]، فالله ﷿ يعذب المكذبين في الآخرة، قال تعالى: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك:٨ - ١٠]. فالله ﷿ يقيم الحجة على العباد بدعوة الرسل، فإذا كذبوا رسل الله ﷿ واستعجلوا عذاب الله ﷿ أنزل عليهم عذابه، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا﴾ [ص:١٦] أي: نصيبنا من العذاب، فهم يستعجلون عذاب الله ﷿، وكما قالوا لهود ﵇ ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأعراف:٧٠]، وكما قال كفار قريش: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال:٣٢]. فهؤلاء

26 / 6