Lessons of Sheikh Abdul-Muhsin Al-Abbad
دروس الشيخ عبد المحسن العباد
Géneros
الصحابة هم الواسطة بين النبي ﷺ وبين الناس
أرسل الله ﷾ رسوله محمدًا ﷺ، وختم به الرسالات، وجعل رسالته ﷺ كاملة شاملة خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقد خصه الله ﷾ بأصحاب اختارهم لصحبته، فشاء أن يوجدوا في زمانه، وقد قاموا بما أمكنهم من جد واجتهاد في الجهاد معه في سبيل الله، ونشر دعوته وسنته، وتلقي ما جاء عنه ﵊، فصاروا هم الواسطة بين رسول الله ﷺ وبين من جاء بعدهم، ومن يقدح فيهم إنما يقدح في الواسطة التي تربط المسلمين برسول الله ﷺ، ويقدح في الصلة الوثيقة التي تربط الناس برسول الله ﷺ.
وهذه لهم ميزة وخصيصة، وهي أنهم اختيروا لصحبة رسول الله ﷺ، فشّرفهم الله في هذه الحياة الدنيا بالنظر إلى طلعته، وما حصل ذلك لأحد سواهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وشرفهم الله ﷾ بأن سمعوا كلامه من فمه الشريف ﷺ، فتلقوا منه الخير والنور والهدى، وأدوه إلى من بعدهم، فكل إنسان يأتي بعدهم فلهم عليه منّة، ولهم عليه فضل؛ لأن هذا الهدى والنور وهذا الخير الذي حصل لمن بعدهم لم يحصل إلا بواسطة أولئك الأخيار رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا)، فهذا الحديث الشريف لأصحاب رسول ﷺ منه القسط الأكبر والحظ الأوفر؛ وذلك لأنهم هم الذين تلقوا هذا الهدى وهذا النور من رسول الله ﷺ، وأدوه إلى من بعدهم، فكل من استفاد منه فلهم مثل أجره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقبلهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، الذي جاء بهذا الخير وهذا الهدى، فكل من اهتدى وكل من استفاد وكل من دخل في دين الله وعمل صالحًا فإن الله يثيب نبيه ﷺ بمثل ما يثيب به ذلك العامل، من غير أن ينقص من أجر العامل شيء؛ لأن الرسول ﷺ هو الذي دعا الناس إلى هذا الهدى، فله مثل أجور من استفاد خيرًا بسببه صلوات الله وسلامه عليه.
وأصحاب رسول الله ﷺ هم الذين تلقوا هذا الهدى، فهم الذين جمعوا القرآن، وهم الذين حفظوه، وهم الذين أوصلوه إلى من بعدهم، وهم الذين تلقوا سنة رسول الله ﷺ حتى أدوها إلى من بعدهم، فصار لهم الثواب الجزيل، والأجر العظيم، ولهم الحظ الأوفر من دعوة الرسول صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح الذي قال فيه: (نضّر الله امرأً سمع مقالتي، فوعاها وأداها كما سمعها)، فإنهم هم الذين سمعوا منه مباشرة وبدون واسطة، وهذه خصيصة حصلت لهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
إذًا: هؤلاء الأخيار وهؤلاء الأسلاف هم الصلة الوثيقة التي تربطنا برسول الله ﷺ، ومن قدح فيهم؛ فقد قطع الصلة بينه وبين رسول الله ﷺ، وكفى بذلك ضلالًا وخذلانًا والعياذ بالله!
2 / 3