Lessons by Sheikh Safar al-Hawali

Safar al-Hawali d. Unknown
99

Lessons by Sheikh Safar al-Hawali

دروس للشيخ سفر الحوالي

Géneros

نعمة الخلق هذه قاعدة عظيمة يجب أن يعلمها عباد الله المتقون -جعلنا الله وإياكم منهم- أنه يجب على كل منا ألا ينسى وأن يتذكر دائمًا أن ما أصابه من حسنة وخير فمن ربه، وأن ما أصابه من شر ونكد وشظف عيش وبلاء وأذىً فمن ذنبه، وقد قال ذلك رب العزة والجلال لأفضل خلقه محمد ﷺ: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:٧٩]. ولو أن العبد تأمل ونظر كما أمره ربه ﷿ أن ينظر ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنسانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ [الطارق:٥]، ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنسان إِلَى طَعَامِهِ﴾ [عبس:٢٤]. لو نظر في ذلك لعلم حقًا أن هذا ما قُرر وما قيل: إنه ما أصابه من خير فهو من ربه، وما أصابه من شر فهو بسبب ذنبه ومعصيته لله ﷿. وإلا فما هو هذا العبد؟ من أنت أيها المخلوق الضعيف إذ كنت صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، أميرًا أو حقيرًا عند الناس، غنيًا أو فقيرًا في دنيا الناس، من أنت؟! أيًا كان هذا الإنسان، ماذا لو نظر الإنسان مم خلق؟ ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق:٦] من نطفة حقيرة قذرة، والآن يقول ويقرر الأطباء: إنه لم يخلق من النطفة كلها بل من جزء منها ضئيلٍ جدًا لا يرى إلا بالمجاهر. سبحان الله! هذا المتكبر على الله، المعرض عن كتاب الله، الذي لا يبالي بقال الله ولا قال رسول الله، ولا يبالي بما ارتكب من محارم الله، خُلِقَ من هذه النطفة الحقيرة. سبحان الله! ومن الذي خلقه؟ ومن الذي جعله في قرار مكين؟ ومن الذي غذاه في ظلمات ثلاث في بطن أمه؟! وهو ﷿ ييسر له الغذاء وييسر له كل أسباب الحياة. حتى إذا انقضى الأمر، وبلغ الأجل الذي قدَّره الله ﵎، وجاء هذا المولود وخرج إلى هذا الوجود، هيأ الله ﵎ له أسباب الحياة الدنيا مما لم يكن ميسورًا له وهو في بطن أمه، ومما لم يكن محتاجًا إليه وهو في بطن أمه، والآن ينتقل إلى عالم جديد يحتاج فيه إلى الغذاء والهواء، ويحتاج فيه إلى من يرعاه ويحفظه ويحوطه برعاية مباشرة، يسر الله ﵎ له ذلك فهداه الله تعالى من الزيف. يولد الطفل من الذي علمه؟ ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل:٧٨] علَّمه أن يرضع من هذا الثدي، ولو أن الله لم يُعلِّمه ذلك من يستطيع أن يعلمه من الناس أو من الأطباء؟! لا يستطيع أحد أن يعلم المولود في يومه الأول، بل في عامه الأول فما بعد، إلا بعد حين أن يُعلَّمه شيئًا من الأمور. ولكن الله ﵎ علَّمه وهداه أن يأخذ هذا الثدي وأن يتغذى به، وهذا الثدي قد هيئ فيه درجة حرارة معينة مناسبة، وبغذاء مناسب لمن ولد الآن، بخلاف إذا رضع منه الطفل في عامه الثاني. فقد هيئ الله له في الحليب المواد التي تكفي وتغذي من قد عاش سنة فأكثر. فسبحان الله! الذي يحوطه برعايته، ويحوطه بعنايته ويهيئ له في كل حالة وفي كل وقت ما يناسبه وما يلائمه مما يحتاج إليه هذا الإنسان. من الذي جعل الأم تحوطك برعايتها وعنايتها إلا الله ﷾، وإلا فبعد أن لقيت ما لقيت من الوحم ومن التعب أثناء الولادة ثم ما بعدها من مشاق عظيمة لألقتك وذهبت بعيدًا وتركتك وتخلت عنك. والمرأة هي من أغلظ الناس قلبًا، وأخبثهم طباعًا وجلافةً، فإذا وُلد لها ولدٌ كانت من أحن الناس وأرقهم على هذا الولد، وإذا قيل لأي أم أعطينا هذا الولد لنذبحه، وخذي ما شئت من أموال الدنيا؟ والله لا تجدون أمًا ترضى بهذا أبدًا، سبحان الله العظيم! كيف نزلت هذه المحبة، من أين هبطت هذه الرحمة والشفقة على ذلك القلب الغليظ الجافي؟ من عند الله ﷾ لكي يحوطك أيها الإنسان، ولكي تتربى وتتغذى في نعمه ﵎، سخر لك الأب وسخر لك كل ما يعيشك.

4 / 6