Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar
دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار
Géneros
أمثلة وتطبيقات على الإرادتين: الشرعية والكونية
قال الله تعالى: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأعراف:١٨]، فالله تعالى لا يحب وجود الشيطان، وقدر وجوده، فهذه إرادة كونية، والكونية تكون كما هو في الضابط الثاني: أنها تقع لا محالة ولا يمكن أن تتخلف، فخلق الشيطان إرادة كونية لا شرعية.
وقال الله تعال: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [الأنعام:١٢٥]، فلو أخذنا شطر الآية الثاني: «وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ»، لعلمنا أن الضلال ليس محبوبًا لله جل في علاه، وهذا هو الضابط الأول.
الضابط الثاني: أنه يقع لا محالة، فلو أراد الله إضلال عبد فلن يهديه أحد، والدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاء﴾ [القصص:٥٦]، فوقوع الضلال للعبد إرادة كونية.
يقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ﴾ [سبأ:١٤]، وقوله: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء:٤]، وقول الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء:٢٣]، وقوله تعالى: ﴿قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الزمر:٦٩].
فالآية الأولى والثانية القضاء فيهما كونيًا، أما القضاء في الآية الثالثة: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا﴾ [الإسراء:٢٣]، فهو قضاء شرعي.
قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الأنبياء:١١٢] يمكن أن نقول: بأن فيها تفصيل: فإن كانت المسألة على الآخرة، فالحكم بالحق سيكون كونيًا لا منازع له، قال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَهِ الْوَاحِدِ الْقهَّار﴾ [غافر:١٦]، وإن كان في الدنيا، فحكم الله بالحق سيكون شرعيًا، قد يقبل به الناس وقد لا يقبلون به، لكن من الممكن: أن ينازع منازع ويقول: هذا دعاء من النبي ﷺ: أن يحكم كونًا بالحق.
وقال الله تعالى: ﴿وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:٢٦]، فهذا يعتبر حكمًا شرعيًا؛ لأنه محبوب لله جل في علاه، والضابط الثاني: أنه قد يقع وقد لا يقع، أما رأيت كثيرًا من الناس يتحاكمون إلى غير الله جل في علاه؟ فقد يقع وقد لا يقع.
وقال الله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة:١٠]، فالحكم هنا شرعي؛ لأنه قد يقع وقد لا يقع.
وقال الله تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود:١٠٧]، فهذا كوني؛ لأنه قد يُحِب وقد لا يُحِب، وهذا الضابط الأول، أما الضابط الثاني: فهو لا بد أن يقع، فما شاءه الله كان وما لم يشأ لم يكن.
وقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء:١٦]، الإرادة هنا كونية.
وقال الله تعالى: ﴿إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ [هود:٣٤]، الإرادة هنا: كونية؛ لأن إغواء العباد لا يحبه الله، بل هو يحب هداية العباد.
وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة:١٨٥]، هنا الإرادة شرعية؛ لأن الله يحب ذلك، لكنها قد تقع وقد لا تقع.
وقال الله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة:٢١]، الكتابة هنا: كونية، وهي محبوبة لله جل في علاه.
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٥]، الكتابة هنا: كونية، قد كتبها الله جل في علاه، وستكون لا محالة.
قال الله تعالى في سورة الحج: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج:٤]، الكتابة هنا: كونية؛ لأن الإضلال لا يحبه الله، وهي تقع لا محالة؛ لأنه من اتخذ الشيطان وليًا من دون الرحمن أضله الله جل في علاه.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَقُوْنَ﴾ [البقرة:١٨٣] الكتابة هنا شرعية.
قال الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ [النساء:٢٣] إلى قوله تعالى: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء:٢٤]، يعني: كتب الله عليكم، وهذا الكتاب: كتاب شرعي؛ لأنه قد يقع وقد لا يقع.
وقال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس:٨٢]، الأمر هنا: كوني، ولا بد أن يقع.
وقال الله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر:٥٠]، الأمر هنا: كوني، ولا بد أن يقع.
وقال الله تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [النساء:٤٧] الأمر: كوني أيضًا.
وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النحل:٩٠] هنا الأمر: شرعي.
وقال الله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة:١٠٢]، الإذن هنا: كوني؛ لأن الله لا يحبه.
وقال الله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الحشر:٥]، الإذن هنا شرعي.
وقال الله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس:٥٩]، الجعل هنا في قوله: «فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا»، من أفعال البشر لا من أفعال الله، فلا يسمى كونيًا ولا شرعيًا؛ لأننا نتكلم عن أفعال الله تعالى.
وقال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:٢١]، الإذن هنا: إذن شرعي؛ لأنه قد يقع وقد لا يقع.
وقال الله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ﴾ [المائدة:١٠٣]، الجعل هنا: شرعي.
وقال الله تعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾ [المائدة:٩٧]، الجعل هنا: شرعي.
وقال الله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ﴾ [يس:٨]، الجعل هنا: كوني.
وقال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس:٣٣]، الكلمة هنا: كونية، لكن قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الأعراف:١٣٧]، الكلمة هنا: كونية؛ لأن كلمة الله إذا قالها فلا بد أن تقع، فتكون كونية.
وقال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ [التوبة:٦]، الكلمة هنا: شرعية؛ لأن المشرك سيسمع الكلام وقد يؤمن وقد لا يؤمن، فقد تقع وقد لا تقع.
2 / 9