Lessons by Sheikh Al-Albani
دروس للشيخ الألباني
Géneros
فضل علماء الحديث على سائر أهل العلم
وأهل العلم المأثور عن الرسول، أعظم الناس قيامًا بهذه الأصول لا تأخذ أحدَهم في الله لومةُ لائم، ولا يصدُّهم عن سبيل الله العظائم، بل يتكلم أحدهم بالحق الذي عليه، ويتكلم في أحب الناس إليه؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء:١٣٥] .
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة:٨] .
ولهم من التعديل والتجريح، والتضعيف والتصحيح، مِن السعي المشكور، والعمل المبرور، ما كان من أسباب حفظ الدين، وصيانته عن إحداث المفترين، وهم في ذلك على درجات: - منهم المقتصر على مجرد النقل والرواية.
- ومنهم أهل المعرفة بالحديث والدراية.
- ومنهم أهل الفقه فيه، والمعرفة بمعانيه.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأمة أن يبلِّغ عنه مَن شَهِد لِمَن غاب، ودعا للمبلِّغين بالدعاء المستجاب، فقال في الحديث الصحيح: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فمن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) .
وقال أيضًا في خطبته في حجة الوداع: (ألا ليبلغ الشاهد الغائب) .
وقال: (نضَّر الله امرءًا سمع منا حديثًا فبلغه إلى مَن لَمْ يسمعه، فرُبَّ حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه.
ثلاثٌ لا يغلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط مَن وراءهم) .
وفي هذا دعاءٌ منه لِمَن بلَّغ حديثه وإن لم يكن فقيهًا، ودعاءٌ لِمَن بلَّغه وإن كان المستمع أفقه من المبلِّغ؛ لِمَا أُعطي المبلِّغون من النضرة؛ ولهذا قال سفيان بن عيينة: لا تجد أحدًا من أهل الحديث إلا وفي وجهه نضرة، لدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقال: نَضِرَ ونَضَرَ، والفتح أفصح.
ولم يزل أهل العلم في القديم والحديث، يعظمون نَقَلَةَ الحديث، حتى قال الشافعي ﵁: إذا رأيتُ رجلًا من أهل الحديث، فكأني رأيتُ رجلًا من أصحاب النبي ﵌.
وإنما قال الشافعي هذا لأنهم في مقام الصحابة من تبليغ حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقال الشافعي أيضًا: أهل الحديث حَفِظوا، فلهم علينا الفضل؛ لأنهم حفظوا لنا ".
انتهى ما وجده هذا الباحث من هذه الخطبة الرائعة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀.
وله كلمات أخرى كثيرة وكثيرة جدًا، مبثوثة في تضاعيف هذه المجلدات الكثيرة -كما ذكرنا لكم آنفًا- من الممكن أن يجمع منها المتتبع رسالةً خاصة في فضل أهل الحديث، وأنهم هم الفرقة الناجية، ويأتي على ذلك بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة.
10 / 8