La duodécima noche: o lo que quieras
الليلة الثانية عشرة: أو ما شئت!
Géneros
Michael Bristol, Carnival and Theater: Plebeian Culure, and the Structure of Authority in Renaissance England, 1985.
إن المهرجين في الكوميديا الشيكسبيرية شخصيات تعيش على الحافة؛ فهم جوالون، ومراقبون، ومعلقون على الأحداث، ويتمتعون بالقدرة على التشكيك في عالم الرومانس والأسطورة، بل والسخرية من هذا العالم. ويضيف بريستول قائلا إن المهرج «يعبر الحدود ما بين العالم الذي تمثله المسرحية وبين الزمن الحاضر والمكان الذي تعرض فيه المسرحية، فهو يشترك مع الجمهور في هذا الزمن وهذا المكان ... وهكذا فإنه يقوم بالإضافة إلى دوره في القصة بدور الجوقة التي تقف خارج مجرى أحداثها» (ص140-142). وإذن فإن هذا المشهد يمثل المقابلة بين «المتشرد» الذي قد لا ينتمي إلى الحبكة انتماء حقيقيا بل يطل عليها من الخارج، وبين الضحية الذي وقع في براثن العابثين الصاخبين المعربدين، بحيث يتولد التوتر ما بين الضحك على محنة مالفوليو والإشفاق عليه، وما بين قسوة المهرج والضحك على فكاهاته التي لم تعد تضحك أحدا، كما يقول جرانفيل باركر (الذي يؤكد أنه لا بد من حذف الفكاهات اللفظية عند الأداء المسرحي، «وحذفها هي فقط دون غيرها» لانتفاء تأثيرها الفكاهي حتى في مطلع القرن العشرين). فالمهرج يتنكر في دور كاهن، مثلما تنكرت فيولا في دور سيزاريو، ثم يعود إلى صوته الحقيقي، وإن كان ذلك أيضا، كما نعرف، دورا يلعبه لكسب رزقه؛ فهو يتظاهر بالبله وحسب، ويلعب دورا لا ينتهي بنهاية المسرحية، ثم يختتمها بالأغنية التي ذاعت شهرتها حتى اليوم، ولا تمثل في الحقيقة إلا تعليقا ساخرا على الأحداث.
وربما استطعنا أن نجد في هذا التقابل عنصر تشابه آخر لو أنعمنا النظر في الموقع الذي يشغله مالفوليو والمهرج في المسرحية؛ إن كليهما من غير المنتمين إلى عالم الرومانس؛ إذ لا مكان فيه لمهرج أو بيوريتاني، وما يقولانه في المشهد المذكور لا علاقة له بالحدث الرئيسي إلا من قبيل التعليق الساخر على عبثية الحدث نفسه! وانظر إلى مشهد آخر يدور بين المهرج وبين فيولا (المتنكرة في ثوب سيزاريو) ويقع في بداية 3 / 1؛ أي في منتصف المسرحية تماما ويستغرق ستين سطرا من النثر، تجد تشابها غير متوقع بين موقف المهرج وموقف فيولا المتنكرة. فالمشهد لا يضيف شيئا إلى الحبكة؛ أي إلى الأحداث ولكنه مهم؛ لأنه يتناول قضية التهريج والمهرجين والتلاعب بالألفاظ وأخيرا هوية فيولا نفسها. والقضية التي يتناولانها؛ أي قضية غموض الألفاظ أو فسادها، تصب في قضية الظاهر والباطن، وكيفية التعامل مع الناس، بحيث توحي لنا بأن فيولا تؤمن بما يفعله المهرج، وأنها تتحايل هي الأخرى في عالم الواقع المادي الذي يقوم على المداهنة والنفاق حتى تفوز بما تريد، إذ ما إن ينصرف المهرج حتى تقول:
هذا لديه من سداد العقل ما يكفي التظاهر بالبله،
وحذق ذلك الدور العسير يقتضي اللماحية؛
فإنه لا بد أن يراعي حالة الذي يهجوه أو مزاجه
وطبعه الشخصي بل واللحظة المناسبة،
كالصقر لا ينقض إلا عند رؤية الفريسة المطلوبة،
وذاك جهد مرهق كجهد كل جاد عاقل!
تصنع البلاهة الذي يمتاز بالإحكام يقتضي الذكاء،
Página desconocida