لم تر سواه ولم تسمع إلا صوته، جريت أنا وأمها نتعثر في ضعفنا، وننكفئ على الصخور، يا ابنتي، يا ابنتي، ارجع يا حاج .. أرجعها يا حاج .. صوت الطاهش سحر أسود يجذب جسديهما المسرعين على درجات المرحل .. زئيره سد يأجوج، يمنع تقدمنا .. كان الحاج قد سبقها بقليل وكمن خلف صخرة عالية .. أطلقت صيحة الحرب الجنونية ولحقت به .. هل رأيتم الكابوس؟ هل جثم على لحمكم وأنفاسكم حتى بعد اليقظة من النوم؟ ارتفع عواء الطاهش وزئيره، وعلى ضوء القمر مددنا الأبصار فلم نتبين غير الأشباح: أشباح تثب وتتوقف، تزحف تتراجع، تصرخ وتئن، وصياح الحرب المجنون يصارع حشرجة الطاهش وزئيره، وأنا وامرأتي شيخان عجوزان، تنهار سماء العالم فوقهما وهما مشلولان، حتى يسقط شيء كالحجر فتختنق الأرض، يختنق سكون الليل، تختنق الأنفاس وتسقط (يسقط المقهوي .. يدركه التاجر وتسرع إليه الفتاة، وينشد المغني):
المغني :
لا حول يا مالك الموت،
ذي ما نجا منك هارب.
الأعمى :
سبح ذا البقا،
إن غايبك لا يعود،
قد زار القبور واللحود.
المرأة (باكية) :
قلت لكم لا تنبشوا القبور .. لا تنبشوا القبور.
Página desconocida