فمضى عنه وهو يقول: جاهل من ذرية جهلاء!
لم يبق وحده أكثر من دقيقة ثم أقبلت المرأة .
2
تجربة مشتعلة، يستهان فيها بالمجهول، بعد عشرين عاما من حياة زوجية يومية .. قادته في الظلام المخفف بفوانيس الأبواب إلى دار شبه معزولة ببستان خارج السور .. آمن بأن التي تقوده من أهل الجاه والثراء والفجور فسعد بذلك درجة بعد درجة .. غاصا في مكان مظلم وشت به روائحه الزكية فأدرك أنه حديقة، ثم وجد نفسه في بهو مضاء بقناديل في الأركان، يتصدره سرير وثير يتوسطه مجلس من الوسائد حوله مائدة حفلت بالطعام والشراب .. غابت المرأة، ثم رجعت سافرة في جلباب حرير .. مكتنزة، حسنة القسمات، أكبر مما حسب، ولكنها تسيل دلالا وخلاعة .. جرى بصره على المرأة والطعام والشراب وقال لنفسه: «انظر كيف تتحقق الأحلام» .. قال وهو يتحفز: ليلتنا ليس في الليالي مثلها.
ملأت كأسين وهي تقول ضاحكة: لا ينكر النعمة إلا جاحد.
وصفقت فجاءت جارية في العشرين، حاملة عودا، تشبه المرأة فكأنها أختها وتتفوق بالشباب، وقالت المرأة: أسمعينا، لا يتم السرور إلا بالكمال.
لعب الشراب بالعقول كما لعب الوتر بالقلوب .. وبقحة عجر المعهودة أقبل على الشراب والطعام والمرأة .. وتساءل مرات: متى يتم التعارف؟ ولكن ما أهمية ذلك؟ ليحذر التسرع وليلعب دوره كما يجدر به .. إنه لا يشك في أنه بحضرة فاجرة .. لكنها فاجرة تجود وتهب ولا تستغل .. إنه حلم لا يضيره إلا أنه لا يصدق.
3
وخصته بيوم الإثنين من كل أسبوع .. طمع في المزيد ولكنها تجاهلته .. نصح نفسه بالقناعة .. تحامت أن تشير إلى هويتها فأيقن أنها من علية القوم .. لماذا لم تستقر في سراي مع كبير من الأكابر؟ لعله الفجور أو البطر فأنعم بأيهما .. والجارية الشابة شقيقتها بلا جدال .. غائصة ولا شك في الفساد .. وهي مذعنة ومطيعة للمرأة كأنها تابعة .. وهي فتنة، وهما يتبادلان استراق النظر .. سيقع حتما في شباك الصغرى كما وقع في الكبرى، وكل آت قريب .. إنه مجلس معبق بالشهوة والخيانة ولكنه يعمل للمرأة ألف حساب .. وأحب الطعام والشراب مثلما أحب المرأة .. وبمرور الأيام أحب الطعام والشراب أكثر .. يهجم على المائدة بوحشية وبلا حياء حتى بات فرجة مسلية للمرأتين .. حرص على ألا يفضحه هواه بالجارية الشابة، وشجعته هي مستخفية وراء المزيد من الحذر .. شعر في مقهى الأمراء بأنه أعلى مرتبة من الوجهاء، وأنه أسعد من يوسف الطاهر، وأنه شهريار آخر.
4
Página desconocida